الثورة – عبير علي:
برعاية وزارة الثقافة ومديرية ثقافة دمشق، استضافت صالة المركز الثقافي في “أبو رمانة” معرضاً فنياً جماعياً لفريق «ياسمين الشام» بعنوان «هواجس»، افتتحه رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين في سوريا الدكتور محمد صبحي السيد يحيى، ورئيس المركز الثقافي عمار بقلة مساء اليوم.
ضمّ المعرض نحو أربعين لوحة فنية تنوّعت مواضيعها بين الطبيعة الصامتة، والفروسية، ودمشق القديمة، واستخدم الفنانون خامات الخشب والقماش، بألوان الأكريليك والزيتي، في تناغم بصري يعكس روح الإبداع والحس الفني الراقي.
– جماليات الفن التشكيلي
قال الفنان التشكيلي علي السعدي في حديثه لـ«الثورة»: إن فريق ياسمين الشام تأسس قبل نحو سنتين، ويضم سبعة فنانين تشكيليين هم ينال القائد، علي السعدي، فواز البيبي، محمد دبور، محمد زين كوكي، محمد غنيم، وموفق المصري.
وأوضح السعدي أن الفريق يعمل بروح جماعية يسودها التواصل والانسجام لتقديم أعمال فنية تلقى اهتمام متذوقي الفن التشكيلي.
وأضاف أن معظم الأعمال تميل إلى المدرسة الواقعية، وأن اختيار عنوان المعرض «هواجس» جاء تعبيراً عن الأفكار والانفعالات التي يعيشها الفنان في حياته اليومية، فينثر ألوانه على القماش ليجسد إبداعه بأبهى صورة.
وعن مشاركته، قال السعدي: «أشارك بسبع لوحات بألوان الأكريليك على القماش، تتنوع بين الطبيعة الصامتة والفروسية ودمشق القديمة».
وأشار إلى أن لوحاته تعكس عبق الماضي وأصالة الأزقة الدمشقية المرصوفة بحجر البازلت وبيوتها المتراكبة التي تحتضن معاني الجمال والحب، إضافة إلى لوحات مستوحاة من الطبيعة الغنّاء بأشجارها وزهورها التي تبعث على الطمأنينة، ولوحة للطبيعة الصامتة لثمرة الرمان تجسد انسجام اللونين الأحمر والأخضر، ولوحة أخرى للقطة التي ترنو بنظراتها إلى المودة والسكينة.
– أصالة التراث وذاكرته
قال الفنان التشكيلي موفق المصري: «تتضمن لوحاتي تفاصيل دقيقة توثق لدمشق القديمة وحاراتها، وتحمل حنيناً لأيام الطفولة، إلى جانب مناظر للطبيعة الساحرة».
وأشار إلى أن إحدى لوحاته تجسد وجه امرأة يحمل تعبيرات متعددة عن الأنوثة والقوة في آن واحد، حيث شبّه عينيها بعيني صقر رمزاً للقوة والصلابة.
أما الفنان التشكيلي محمد زين كوكي، فشارك بسبع لوحات زيتية تناولت مناظر طبيعية وأحياء دمشقية قديمة، وجانباً من آثار العرب المسلمين في قرطبة الإسبانية.
عرض خمس لوحات تمثل فصول السنة، ولوحة لغروب البحر تصطاد فيه امرأة بشبكتها، ولوحة لحارة في قرطبة تجسد العمارة العربية والإسلامية القديمة التي تتشابه مع مباني دمشق وحلب، لتذكّر بالتراث العربي العريق والفن المعماري الأصيل.
– الحضارة والفن في الخط العربي
أوضح الفنان الخطاط ينال القائد أنه شارك في المعرض بدعوة من فريق ياسمين الشام قائلاً: «قبلت الدعوة دون تردد، فمن منا لا يعشق ياسمين الشام؟».
وبيّن القائد أن هذا الفريق الشبابي يسهم في تعزيز الحركة التشكيلية السورية، مضيفاً أنه استخدم في أعماله تقنية الكولاج مع الألوان الزيتية والأكريليك، مستلهماً الحروف والزخارف من رموز الفن العربي والإسلامي.
وأضاف: «حاولت استخدام الألوان الترابية للدلالة على عمق التاريخ وهويتنا الجميلة، مع إدماج ألوان تراثية مستوحاة من الأزياء والزخارف الإسلامية والمعمارية، لأفتح نوافذ الفن على حضارة أبهرت العالم».
– تناغم الإبداع
أكد مدير المركز الثقافي في أبو رمانة عمار بقلة أن المعارض الجماعية تجسد روح التعاون والإبداع، وتتيح الاطلاع على تجارب متنوعة.
وقال: «في معرض “هواجس” عبّر الفنانون عن مكنونات الروح وذاكرة الماضي، فجاءت اللوحات مفعمة بجمال اللون والتشكيل والفكرة والحياة».
من جانبه، قال الفنان التشكيلي محمد غنيم: «أشارك بسبع لوحات تمثل الدمشقيات والعجمي».
وأوضح أن أعماله تجمع بين التراث والتشكيل، وتعبر عن هواجس الفنان وأفكاره المرتبطة بالحالة النفسية والعاطفية.
وأشار إلى أنه حاول تطوير فكرة جديدة تمزج بين الدمشقي والعجمي في بعض اللوحات التي تتنوع بين الخيل والنمر، مبيناً أن «النمر، رغم قوته وشراسته، يحمل في ملامحه حزناً دفيناً»، كما قدم لوحة «الرمان» التي ترمز إلى العطاء.
– معارض جماعية
قال رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين في سوريا الدكتور محمد صبحي السيد يحيى: «يشارك في هذا المعرض سبعة فنانين، لكل منهم طابعه الخاص، ويتميز المعرض بقوته وحالاته اللونية الجميلة وانطباعاته الإيجابية».
وشدّد على أهمية المعارض الجماعية في إثراء الحركة الفنية وتعزيز التنوع الفني والفكري، مؤكداً أنها تسهم في تكاتف المجتمع الفني وتبادل الخبرات بين الفنانين.
وأضاف: «يخرج الفنانون من هذه التجارب بانطباعات جديدة وأفكار متجددة تعكس روح التعاون والتكامل في الساحة الفنية».
كما أعلن عن جهود إعادة هيكلة الاتحاد وتنظيم معارض جديدة على مستوى سوريا تجمع مختلف المدارس الفنية.
واختُتم المعرض بحضور حشد من الفنانين والإعلاميين والمهتمين بالشأن الثقافي، في أجواء فنية مفعمة بالجمال والإبداع، جسدت عمق التفاعل بين الفن التشكيلي والمجتمع السوري.