الثورة – همسة زغيب :
تنبض حرفة الفخار من جديد في المركز الثقافي العربي ببرزة، حيث أطلقت مؤسسة “حلم دمشقي” بالتعاون مع المركز فعالية “الفخار.. تاريخ وحضارة” بإشراف الحرفي محمد محفوض، لتعيد إلى الواجهة حرفة سورية ضاربة بجذور عمق الأرض، تُعيد تشكيل الذاكرة بملمس الطين ولون التراب.

انطلقت الورشة يوم السبت وتستمر حتى الخميس القادم، ضمن برنامجٍ تدريبي متكامل يُقرّب المشاركين من عالم الفخار السوري العريق، ويكشف لهم سر العلاقة الخفية بين الصلصال واليد المبدعة.
في حديثه لصحيفة الثورة، استعرض محفوض المسار التاريخي للفخار عبر الحضارات، موضحاً خصائص الفخار السوري ومواقع صناعته التقليدية في المدن والبلدات السورية، كما تناول تطور الحرفة ومتطلبات السوق المحلي اليوم، معتبراً أن “الفخار ليس مجرد صناعة، بل لغة بين اليد والتاريخ، لا تزال تحافظ على تقاليدها القديمة، وتُعيد الإنسان إلى جذوره الأولى حيث يولد الجمال من البساطة”.
تنقلت الورشة بين مراحل عملية متتالية، بدأت بتعليم المشاركين تحضير عجينة الفخار والعمل على الدولاب، ثم نحت الزخارف بعد جفاف القطع، تلاها التشكيل اليدوي الحر، وصولاً إلى مرحلة التلوين والتجهيز النهائي.
كما أتاحت التجربة للحضور فرصة لمس الطين، والتعبير بأنامله عن أشكال بسيطة تحمل روح التراث السوري ودفء الذاكرة.
وأكّد محفوض أن الورش التدريبية “تُسهم في الحفاظ على الحرف التقليدية وإعادة إحياء العلاقة بين الإنسان والمادة بعيداً عن الآلة، وتُعيد للأنامل ذاكرتها القديمة في زمن تتسارع فيه التكنولوجيا وتبهت فيه التفاصيل”.

اعتمدت الورشة على أدوات ومواد بسيطة للتدريب متل: دولاب فخار، طين أحمر “صلصال”، بلاطات خشبية، إسفنج وأدوات نحت، وألوان أكريليك وبخاخ ورنيش “لكر”، وشكّلت الأدوات المستخدمة الركائز الأساسية لتعليم المشاركين خطوات التشكيل والنحت والتلوين، مؤكدين أن الإبداع يولد من الطين البسيط حين تلمسه يد تعرف طريقها إلى الجمال.
جمعت الأعمال المعروضة بين الحرفة والفن، في ختام الورشة الاولى، فكانت كل قطعة فخارية شاهدة على روح سورية لا تزال تُصاغ باليد، وتتنفس من الطين عبق الأرض والذاكرة.