قوة مريبة لواقع مشوه

ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير علي قاسم:

رغم أن الحديث عن القوة العربية المشتركة الذي أقرته قمة شرم الشيخ في آذار الماضي قد أحيل إلى الأدراج العسكرية ومنصاتها التي تريد العمل من خارج الأضواء، خصوصاً أن التطورات –ربما- لا تسمح بالتركيز على تفاصيله في اللحظة الراهنة،
إلّا أنّ تفاعلاته لم تكن غائبة ولا يبدو أنها قابلة للغياب، في ظل حديث عاد ليطفو على السطح بعد مضي أسابيع على اجتماع رؤساء أركان الدول الموقعة عليه للمرة الثانية و إقرار بروتوكوله الخاص، حيث لم يبق سوى أقل من أسبوعين على التاريخ المحدد للانتهاء من الترتيبات الخاصة به.‏

ملامسته إعلامياً تأتي هذه المرة من خلال ملاحظات وردت من دول حضرت الاجتماع، واطّلعت على مضمون البروتوكول، ووجدت فيه ما يدعو للريبة والشك وأبدت ملاحظات واضحة على مضمونه، وأنه لا يمكن إقراره دون الأخذ بها، حيث المفارقة فيه أنه يفتقد لتعريف الإرهاب الذي يفترض أنه أحد أهم دوافع إنشاء تلك القوة، إن لم يكن الدافع الوحيد على حد زعم من طرحه بالأساس.‏

الأخطر كان وجود التعابير الفضفاضة التي تثير الارتياب من إمكانية استخدامها للتدخل في شؤون الدول، وانتهاك سيادتها تحت مسمى صيانة الأمن القومي العربي، خصوصا في ظل معطيات ووقائع تدفع إلى الجزم بأن الأساس الذي قامت عليه الفكرة بحد ذاتها تشي بالرغبة في تطويع المفاهيم، لخدمة التوجّه الذي يصوغ الحال العربية في هذه المرحلة، والتي تركز على انتهاك السيادة الوطنية والتدخل خدمة لأغراض المشروع الغربي وتداعياته.‏

في سياق الحالة العربية لا يقف الأمر عند هذه الدرجة من الخطورة بقدر ما يوحي باستباحة الساحة من وجوهها السياسية والدبلوماسية والعسكرية أيضا، لتكون هذه القوة حصان طروادة، يعيد تدوير وقائع الوجود العربي وفق أحجيات الحاجة الغربية، وتبعاً لمقتضيات الدور الوظيفي، بحيث تنتقل مهمة الجيوش العربية وقوتها المفترضة أو المزمع إنشاؤها إلى رأس حربة لحروب الوكالة التي تعمل أميركا وحلفاؤها الغربيون على تعميمها في المنطقة.‏

لا نعتقد أن الفكرة بحد ذاتها بريئة مما أشارت إليه الاستنتاجات المباشرة، وجاءت التفسيرات المرافقة لها والموازية لتزيد الطين بلة، وتحول ما كان في طور الشك إلى يقين بحكم الأمر الواقع، حيث ممارسات مجلس العدوان الخليجي تحاكي الأجندات الغربية وتؤشر إلى الواقع المستقبلي لتلك القوة التي يراد لها أن تكون عنواناً لتأديب من يخرج على عصا الطاعة تحت مسميات العمل العربي.‏

الأدهى أن المحاولة لم تكن معزولة عن سياقها السياسي الرائج هذه الأيام، ولا هي بعيدة عن المشهد المدفون داخل النيات التي فضحتها مضامين البروتوكول ذاته، التي تجتاحها سياقات متناقضة أكثر خطورة، على ضوء غياب رؤى واقعية للطرح من جهة وضبابية المفهوم ودلالته من جهة ثانية، وفي ظل غياب أي كلمة عن إسرائيل ومواجهتها، وعن الصراع العربي الإسرائيلي، بل حتى عن الإرهاب الذي ادعى البروتوكول العمل على محاربته.‏

ويبقى المحظور ذاته وإن تغيّر لبوسه، أو القاع الذي يجول فيه وتحت أي مسمى كان، حيث الاستعجال الواضح على إقراره وفق معطيات زمنية متواترة يشي بالكثير من المتناقضات الهائلة بين ما طرحه المشروع وبين ما تضمنه البروتوكول، رغم أن هناك ما يشبه الإجماع على أن الحماس الذي رافق طرح الفكرة لم يعد ذاته، بما في ذلك من كان يريد أن يبيع ويشتري تحت عنوانه.‏

والمحسوم أن القوة تفتقر لشرعيتها، وما هي إلا مولود مشوّه لوضع عربي أكثر تشوهاً، تريد الأعراب أن تختصر فيه الوجود العربي، وأن تكون ممثلاً حصرياً عنه، وحصيلة واقع مشرذم فاض فيه النفاق لاسترضاء مال المشيخات،وتطويع الجيوش العربية تأجيراً أو استئجاراً، والنتيجة الحتمية صورة مقلوبة وتاريخ يريد أن يُعمِّم حالة البؤس العربي من بوابة الحروب المدفوعة -مسبقاً- من دماء الأمة، والمختومة بأمر عمليات أميركي لحساب إسرائيلي مفتوح على الجرح العربي المزمن.‏

a.ka667@yahoo.com ‏

آخر الأخبار
٥٠ منشأة صناعية جديدة ستدخل طور الإنتاج قريباً في حمص الإعلام على رأس أولويات لقاء الوزير مصطفى والسفير القضاة وزير الإدارة المحلية والبيئة يوجه بإعادة دراسة تعرفة خطوط النقل الداخلي سجن سري في حمص يعكس حجم الإجرام في عهد الأسد المخلوع ميشيل أوباما: الأميركيون ليسوا مستعدين لأن تحكمهم امرأة لجنة السويداء تكسر الصمت: التحقيقات كانت حيادية دون ضغوط الضرب بيد من حديد.. "داعش" القوى المزعزعة للاستقرار السوري من الفيتو إلى الإعمار.. كيف تغيّرت مقاربة الصين تجاه دمشق؟ انفتاح على الشرق.. ماذا تعني أول زيارة رس... تفعيل المخابر والمكتبات المدرسية.. ركيزة لتعليم عصري 2.5 مليار يورو لدعم سوريا.. أوروبا تتحرك في أول مؤتمر داخل دمشق مغترب يستثمر 15 مليون دولار لتأهيل جيل جديد من الفنيين بعد زيارة الشيباني.. ماذا يعني انفتاح بريطانيا الكامل على سوريا؟ فيدان: ننتظر تقدّم محادثات دمشق و"قسد" ونستعد لاجتماع ثلاثي مع واشنطن وفود روسية وتركية وأميركية إلى دمشق لمناقشة ملف الساحل وقانون "قيصر" رغم نقص التمويل.. الأمم المتحدة تؤكد مواصلة جهود الاستجابة الإنسانية بسوريا بين "داعش" و"قسد" وإسرائيل.. الملفات الأمنية ترسم ملامح المرحلة المقبلة المنطقة الصحية الأولى بجبلة.. نحو 70 ألف خدمة في تشرين الأول تفجير المزة.. هل حان وقت حصر السلاح بيد الدولة؟ عودة محطة بانياس.. دفعة قوية للكهرباء واستقرار الشبكة نحو شوارع أكثر نظافة.. خطوات جديدة في حلب