ما يحتاجه السوريون من الإبراهيمي…

ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم : يستطيع الأخضر الإبراهيمي اليوم أن يرى الصورة بأبعادها، وأن يستبدل حقائبه المتخمة بالملفات والتفاصيل بما يتوافق مع ما رآه وسمعه، أو على الأقل أن يحذف أو يتجاهل الكثير مما علق في ذهنه من مقاربات قدمتها له لقاءاته السابقة قبل أن يحط رحاله في دمشق.

والمسألة ليست استباقاً بقدر ما هي حقيقة تقاطعت معها كل التجارب السابقة للموفدين والمبعوثين ورسل المهمات الخاصة، وحتى الزائرين العاديين أو القادمين للاطلاع على الأوضاع بشكل شخصي أو رسمي.‏

ما يأمله السوريون ألا تتكرر التجارب السابقة، وألا تكون مهمة الإبراهيمي ودوره وموقفه وقناعاته نسخة مكرورة عما سبقه، سواء في حصيلتها النهائية أم في طريقة المقاربات التي سيقدمها في محاضر الجلسات أو أمام الإعلام، وألا تدور في الحلقة ذاتها من تدوير الزوايا والمحاباة!!‏

فالجميع يدرك أن المهمة تحتاج كي تنجح إلى كثير من العوامل والأوراق والحنكة في تقديم مقارباتها.. غير أن ما هو أكثر إلحاحاً من سواه أن تكون تلك المقاربات متطابقة ومنسجمة مع ذاتها ومع قناعات السيد الإبراهيمي، وما يقوله في جلساته المغلقة هو ذاته ما سيقوله علناً، وما يقدمه في دمشق هو الإطار الموضوعي لما يمكن أن يقدمه فيما بعد، وأن يقول ومنذ اليوم ما قد يقوله غداً أو بعده كما فعل من سبقه أو تشابه معه!!‏

في التجارب السابقة العديدة والمديدة كنا نسمع كلاماً يتلوّن بتلوّن الحالة والموقف وغالباً المكان وما أبطنته تصريحات الذين سبقوه، كانت تجاهر به بعد حين.. لكن بعد أن تنتهي المهمة أو بعد أن يستقيل من مهمته أو الانتهاء من دوره فيها، ونستطيع أن نقدم عشرات الأمثلة ليس على مستوى المهام في سورية وإنما على نطاق أوسع.‏

وفي التجارب السابقة أيضاً كانت هناك مواقف ملتبسة وأحياناً تحتمل أكثر من تفسير، وبعضها على الأقل انطوى على محاباة ومجاملات لم تنفع المهمة ولا الدور الموكل لأصحابها، وبالتأكيد لم تنفع السوريين حينها كما لم تنفعهم بعدها، وفي الوقت ذاته قدمت خدمات مجانية وأحياناً مشبوهة للأطراف التي عرقلت المهمة وأجهضتها.وفيها كذلك غصة لم يعد بمقدور السوريين تحمّل تكرارها، حين ساهمت بقصد أو دون قصد في تفشي الإرهاب، وفي زيادة دعم المسلحين والمرتزقة عبر استغلال المهمة وما تتطلبه من إجراءات والتزامات كانت حصرية على الحكومة السورية، بينما الأطراف الأخرى خارجياً وداخلياً وظفتها لكسب الوقت وتسخيرها كبوابات إضافية للإرهابيين وداعميهم ومموليهم ورعاتهم.‏

لا يحتاج السيد الإبراهيمي إلى تذكيره بما يكنّه له السوريون.. ولا بالنظرة المتفائلة التي حكمت انطباعاتهم الأولى عن تصريحاته لحظة وصوله دمشق.. كما أنه لا يحتاج إلى التأكيد بأن المسؤولية الملقاة على عاتقه مضاعفة.. وهي لم تكن كذلك مع كل من سبقوه لاعتبارات يدركها أكثر من غيره.‏

فالسوريون يعرفون مدى المتاعب والصعوبات التي تواجهه، ويقدرون إلى حدّ اليقين المساحات التي يملكها في حراكه والضوابط التي تحكم عمله.. وهم لا يطالبونه بالمعجزات.. لكنهم بالتأكيد يتمنّون عليه المصداقية والموضوعية، وألا يقع في مطبات من سبقه.. وألا يكون كغيره محكوماً بالصورة الافتراضية المسبقة عما جرى ويجري، وألا يكون مأخوذاً بالصورة الإعلامية والضخ الكاذب والافتراء الفاضح الذي أحكم حضوره في قناعات الكثيرين من الموفدين، ويمنّون النفس بأنه كان فوق الشبهات في أي دور أداه، حين رفض وسيرفض بالتأكيد إملاءات الآخرين أو يكون جزءاً من أجنداتهم!!‏

والسوريون أيضاً يعرفون جيداً الزوايا التي تهدد عمله، وتهدد مهمته، والمخاطر التي تتربص بالكثير من المقاربات التي يكوّنها، لكنهم أيضاً وفي الوقت ذاته حريصون إلى حد غير مسبوق على إنجاح مهمته وأن يكون البوابة لإغلاق الكثير من ملفات فتحتها العثرات التي وقع فيها من سبقوه، والسوريون معنيون تماماً بتذليل ما يعترضه ولن يدخروا جهداً في إنجاح مهمته.. ولن يترددوا في الإشارة الصريحة والعلنية إلى كل القوى والأطراف المتربّصة به وبمهمته وبالفم الملآن، رغم يقينهم بأنه يعرفها وقد لمس بعضاً من جوانبها في لقاءاته ومحادثاته التي سبقت حضوره إلى دمشق!!‏

ما يحتاجه السوريون اليوم من الإبراهيمي أن يكون صريحاً.. أن يسمي الأشياء بمسمياتها.. أن يقول مقارباته بوضوح لا يحتمل التأويل أو التفسير الخاطئ.. والأهم أن تكون جرأته حاضرة اليوم وليس غداً.. فجرأة الغد أو بعده لا تنفع مهمته ولا تاريخه.. ولا دوره.. جرأة تحدد من يعرقل.. دولاً وقوى وأطرافاً.. وأن يسمي من يشجع ويمول ويسلح المرتزقة لتفجير مهمته منذ البداية!!‏

لا تغيب عن بال السوريين مقتضيات السياسة ولا حسابات الدبلوماسية وضروراتها التي تفرض أحكامها أحياناً.. لكن هذه المقتضيات تبدو ثانوية إذا ما قيست بمقتضيات مصلحة الشعب السوري وبمصلحة التاريخ الدبلوماسي الذي يحمله الإبراهيمي.. وبهذا الانتماء الذي عهدناه يعتزّ به!!‏

 

a.ka667@yahoo.com

آخر الأخبار
"كهرباء اللاذقية".. تركيب محولة في الحفة وإصلاح الأعطال في المدينة خدمات صحية متكاملة في صافيتا جهود مستمرة لتأمين الكهرباء في جبلة مزاجية ترامب تضع أسواق النفط على "كف عفريت" اجتماع لتذليل الصعوبات في المستشفى الوطني باللاذقية متابعة جاهزية مجبل الإسفلت بطرطوس.. وضبط الإشغالات المخالفة بسوق الغمقة الحرب التجارية تدفع الذهب نحو مستويات تاريخية.. ماذا عنه محلياً؟ الرئيس الشرع يستقبل وفداً كورياً.. دمشق و سيؤل توقعان اتفاقية إقامة علاقات دبلوماسية الدفاع التركية تعلن القضاء على 18 مقاتلاً شمالي العراق وسوريا مخلفات النظام البائد تحصد المزيد من الأرواح متضررون من الألغام لـ"الثورة": تتواجد في مناطق كثيرة وال... تحمي حقوق المستثمرين وتخلق بيئة استثماريّة جاذبة.. دور الحوكمة في تحوّلنا إلى اقتصاد السّوق التّنافس... Arab News: تركيا تقلّص وجودها في شمالي سوريا Al Jazeera: لماذا تهاجم إسرائيل سوريا؟ الأمم المتحدة تدعو للتضامن العالمي مع سوريا..واشنطن تقر بمعاناة السوريين... ماذا عن عقوباتها الظالمة... دراسة متكاملة لإعادة جبل قاسيون متنفساً لدمشق " الخوذ البيضاء" لـ "الثورة: نعمل على الحد من مخاطر الألغام ما بين إجراءات انتقامية ودعوات للتفاوض.. العالم يرد على سياسات ترامب التجارية "دمج الوزارات تحت مظلّة الطاقة".. خطوة نحو تكامل مؤسسي وتحسين جودة الخدمات بينها سوريا.. الإدارة الأميركية تستأنف أنشطة "الأغذية العالمي" لعدة دول The NewArab: إسرائيل تحرم مئات الأطفال من التعليم