تفجير الميدان الإرهابي.. «الثورة» تنشر تفاصيل الساعة الأخيرة من حياة الطفلة التي فخخها والدها.. إرهابي سفاح يتلطى بعباءة الدين.. وزوراً يحمل اسم الأب
ثورة أون لاين – هلال عون – علاء الدين محمد
أمام المشهد المروع وهول الصدمة وشدة الحزن والدهشة والذهول تصبح المقدمات بلامعنى.
لذلك سأترك البداية في هذا التحقيق الصحفي لشخص.. هو آخر من رأى الطفلة الضحية فاطمة وتحدث معها قبل موتها المفجع بحوالي أربع دقائق ليصفها لنا..
إنه رئيس مكتب البحث الجنائي في قسم شرطة الميدان الرائد محمد باطوس, الذي التقته(الثورة) في مكتبه… فلنتابع معاً وصفه لها ومادار بينهما:
هذه فاطمة.. وهذا مادار بيننا بالتفصيل
طفلة عمرها حوالي ثماني سنوات ترتدي معطفاً أحمر وتضع قبعة حمراء وشالاً أصفر وتحمل بيدها كيساً أسود بداخله كيس شيبس.. ملامح وجهها مجردة من تعابير الطفولة وفي عينيها حزن عميق دخلت إلى المكتب وكانت مرتبكة قليلاً ولكنها تتحدث بسرعة وتجيب على الأسئلة- عرفت عن نفسها بأنها طفلة عمرها سبع سنوات تدعى «نور حوراني» من أهالي برزة.
ادعت أنها طفلة حضرت مع والدتها من محلة برزةإلى المجتهد من أجل شراء بعض الحاجيات وأنها دخلت إلى أحد المحلات التجارية لشراء كيس شيبس وعندما خرجت لم تجد والدتها وبحثت عنها دون جدوى وأنها من برزة مقيمة بجانب جامع السلام, عند دخولها إلى مكتبي تعاطفت معها كأي طفلة تائهة وسألتها عن اسمها فأجابت بأنها نور حوراني، ماالعمر: سبع سنوات اسم الأب لاتعرف- اسم الأم: لاتعرف- رقم الهاتف: لاتعرف- مكان الإقامة: برزة جانب جامع السلام.. فقلت لها: «عمو نور».. ليس من المعقول أن لاتعلمي ماهو اسم الأب أو الأم فأنا ابني عمره خمس سنوات ويعلم اسمي واسم والدته» كما أن ملامحك تبدو أكثر من سبع سنوات. وضعت الطفلة يدها اليسرى على سحاب الجيب الأيسر للمعطف وقامت بفتحه نصف فتحة وفي تلك اللحظة وردني اتصال هاتفي من زوجتي التي تقيم بنفس بناء القسم الطابق الرابع فأعلمتها بأنه يوجد عندي طفلة صغيرة جميلة وضائعة تبحث عن أهلها وهي تشعر بالبرد والجوع وطلبت منها أن تضع الطفلة عندها في المنزل كي تلعب مع ولدينا محمود وزين وأن تطعمها معهما وتدفئها وتلبي احتياجاتها ريثما نعثر على ذويها ويحضرون إلى القسم لاستلامها كون الطفلة أنثى وليس من المعقول أن تنتظر انتهاء إجراءات البحث عن ذويها في مركز القسم بين عناصر الشرطة المنشغلين بالتحقيق في الجرائم مع المجرمين.
«الآن استرجع تلك اللحظات..»
كانت الطفلة تسمع مايدور من حديث بيني وبين زوجتي وبدأت ترتسم على وجهها معالم الاستغراب والتناقض في الأفكار حيث تم زرع أفكار في رأسها مغايرة لما سمعته ورأته.
كان في رأسها أفكار عن «النظام» والضباط وصف الضباط بأنهم أشرار يغتصبون النساء ويقتلون الأطفال ومارأته مغاير لذلك رأت ضباط النظام يتعاملون بلطف مع الأطفال وعطف واحترام، لدرجة أني سأضعها لتأكل وتلعب مع أولادي وسأدخلها بيتي وتمت معاملتها كولد من أولادي.
يتابع وقد ترغرغت عيناه بالدموع: عندها أرجعت سحاب الجيب الأيسر للمعطف وانتظرت انتهاء المكالمة الهاتفية وعندما أغلقت السماعة وعدت للحديث معها طلبت الدخول إلى الحمامات فطلبت من الرقيب علي حسن الموجود معنا أن يدخلها إلى الحمامات الخاصة بالضباط الموجودة في نفس الطابق كونه لايوجد فيها أحد وحمامات العناصر موجودة في الطابق الأرضي وقد يكون فيها أحد العناصر ويمكن للطفلة أن تخجل، لذلك أعطيته مفاتيح حمامات الطابق الأول الخاصة بالضباط وطلبت منه أن ينتظرها ويهتم بها وألا يتركها لوحدها وبعد مرور أربع دقائق من دخولها الحمامات سمعت صوت الانفجار فخرجت مسرعاً من مكتبي لأشاهد رأس الطفلة خارج الحمامات المدمرة تبادر إلى ذهني أن هجوماً إرهابياً تعرض له القسم بصاروخ فعدت إلى مكتبي وأخذت سلاحي وخرجت إلى سطح الطابق الأول وعندما نظرت إلى جدران القسم الخارجية وجدتها سليمة عندها استنتجت أن الانفجار حصل من داخل القسم وفي الحمامات ولم يكن يوجد غير الطفلة والرقيب علي وكانت أشلاء الطفلة تدل على أنها كانت ترتدي حزاماً ناسفاً كون الأجزاء المتبقية من جسدها هي الرأس والقدمان فقط.
تتوقف الاستنتاجات في هذه اللحظة وربط الحوادث واسترجاع الأحداث يحتاج لفترة زمنية، هل كانت طفلة صغيرة اتخذت قراراً يعجز الكبار عن اتخاذه في الوقت الحالي كما نشاهد ونسمع وهو الرجوع عن ارتكاب خطأ كبير في اللحظة الأخيرة؟
هل قامت بتفجير نفسها في الحمامات كي لاتصيب أحداً بأقل الأضرار؟
وهل ارتدت حزاماً ناسفاً ونجحت بالدخول إلى مركز قسم شرطة ومكتب ضابط فيه من أجل أن تتراجع وتطلب الدخول إلى الحمامات لكي تنتهي حياتها هناك بأقل أذى للآخرين؟
هل تراجعت الطفلة وحاولت التخلص من الحزام الناسف في الحمامات إلا أنها لم تنجح في ذلك لعدم خبرتها في نزع الحزام الناسف وحصل الانفجار نتيجة ذلك؟
كل مااعلمه وأنا متيقن منه الآن أن براءة الطفولة في النهاية هي من انتصرت.. لم تتغلب عليها الأفكار السوداوية التي زرعت ولا التعليم الخاطىء ولا التلقين المغلوط كانت الطفلة صاحبة قرار صحيح في النهاية.
علينا جميعاً أن نتعلم منها.. رحمها الله وجعلها عصفوراً من عصافير الجنة وفي نهاية حديث الذكريات الحزين والمؤلم سألنا الرائد محمد: ألم يتبين من لباسها أنها تحمل شيئاً تحت ثيابها؟
فقال: لم نلاحظ وجود أي شيء تحت لباسها وخصوصاً أن خبرة إدارة الأمن الجنائي قدرت وزن المادة المتفجرة بـ 1كغ تي ان تي وكانت الفتاة ترتدي معطفاً ولباساً شتوياً يمكن توزيع كمية 1كغ ضمن معطفها دون أن تظهر للعيان.
العميد بسمان: ظننا الانفجار ناتج عن عبوة
رئيس قسم شرطة الميدان السيد العميد بسمان محمد زيدان قال: عادة تأتينا اتصالات من قبل المواطنين بوجود أطفال ضائعين أو تائهين غير معروف ذويهم فيتم إحضارهم إلى القسم من أجل جمع المعلومات لمعرفة ذويهم والتواصل معهم من أجل تأمين عودتهم إلى أهلهم.
وأحياناً يقوم بعض المواطنين بإحضار بعض الأطفال ومن الطبيعي ومن صلب عملنا أن نستقبلهم ونجمع المعلومات عنهم لمعرفة ذويهم ومن ضمن هؤلاء الأطفال الطفلة(فاطمة) التي عرفت عن نفسها باسم نور حوراني من برزة سكنها عند جامع السلام
حدث ذلك بتاريخ 16/12/2016 الساعة الرابعة عشرة و 45 دقيقة وقبل وصول الطفلة بربع ساعة تم إعلامنا من قبل عمليات (نسر) بقيادة شرطة محافظة دمشق بوجود طفلة تائهة عند إشارة المجتهد لا تستطيع العودة إلى منزل ذويها وهي موجودة حالياً برفقة شرطي المرور الموجود عند إشارة تقاطع مشفى المجتهد
تم ارسال دورية على متن سيارة شرطية إلى المكان المذكور وبعد برهة من الوقت عادت الدورية وبرفقتهم الطفلة وتم اصطحابها إلى مكتب الضابط المناوب.
علماً بأن الطفلة كانت ترتدي ملابس جديدة ونظيفة تدل على أنها من عائلة ميسورة.
ويتابع رئيس القسم العميد زيدان: عندما حدث الانفجار كان مدوياً جداً فتطاير الزجاج وأبواب القسم جميعها.
للوهلة الأولى توقعنا أن حدوث الانفجار ناتج عن القاء عبوة ناسفة من جهة المتحلق الجنوبي على بناء القسم فخرجنا نستطلع ما حدث فتبين أن الرقيب أول علي حسن مصاب فتم اسعافه مباشرة إلى مشفى المجتهد وقد عثر على رأس الطفلة فاطمة وأجزاء من قدميها متناثرة بين الأنقاض وبقايا الجدران.
هذه الحادثة لم أسمع بمثيل أو شبيه لها في التاريخ البشري فلا يجد العقل البشري أي تفسير لمثل هذه الظاهرة أن يرسل أب وأم فلذة كبدهما لتفجر نفسها وتقتل نفسها بهذه الطريقة المروعة.
مشاهدات فرع الأدلة الجنائية بالتفصيل
بوصولنا أمام مبنى قسم شرطة الميدان تبين حصول اضرار مادية كبيرة حيث شوهد الباب الرئيسي مخلوعاً وزجاج نوافذ البناء الذي يقع فيه القسم مكسورة ومتناثرة وتبين أن مركز الانفجار بالطابق الأول ضمن دورات المياه حيث شوهد تهدم جدران غرفة القلم ودورات المياه، كما تهدمت جدران البوفية الخاص بالطابق الأول كما شوهد خلع أبواب بعض غرف القسم وتبين ان بين الركام راس طفلة على يسار الدرج الواصل للطابق الأول كما شوهدت الأطراف السفلية للطفلة بين الركام تحت انقاض دورات المياه ويوجد أشلاء متناثرة وملتصقة بسقف دورة المياه وشوهد على جدران دورات المياه المتبقية آثار احتراق المادة المتفجرة وتبين إصابة الرقيب الأول علي حسن من مرتبات القسم نتيجة التفجير.
قام عناصر الأدلة الجنائية من مرتبات فرعنا بأخذ صور لمكان التفجير تثبيتاً للوقائع وتم التحرز على الأطراف السفلية والرأس والاشلاء العائدة للطفلة الانتحارية.
حضرت دورية من فوج الهندسة وقامت باجراء الكشف على مكان التفجير فتبين أن التفجير تم بواسطة حزام ناسف.
تم استدعاء خبراء المتفجرات من مرتبات فرع الأدلة بإدارة الأمن الجنائي حيث حضرت دورية بأمرة العقيد محمد سنقر وقامت برفع الأدلة والتحرز على بعض أشلاء الانتحارية وبعض حبات الخرادق المتناثرة في المكان مما يدل على ان التفجير تم بحزام ناسف تمهيداً لإجراء الخبرة الفنية اللازمة عليها لتحديد نوع المادة المستخدمة في التفجير وكميتها.
و تم استدعاء الشرطي محمود علي عزوز من مرتبات فرع المرور الذي كان موجوداً عند تقاطع مشفى دمشق حيث أعلمنا أنه بحوالي الساعة 13.30 وأثناء تنفيذه للخدمة المفروضة حضرت طفلة تبلغ من العمر حوالي ثماني سنوات وأعلمته أنها تاهت عن والدتها
أكد الشرطي محمود أنه أثناء وجود الطفلة برفقته على تقاطع مشفى المجتهد حضرت امراتان عمرهما حوالي خمسين عاماً ترتدي كل واحدة منهما مانطو طويل وأعلمتاه بأنهما سبق أن شاهدتا الطفلة وهي تبكي كونها تاهت عن والدتها وطلبتا منه أن يقوم بمساعدتها لتصل إلى ذويها وقامتا بسؤاله عن كيفية الوصول إلى مشفى الباسل لأمراض القلب وغادرتا المكان دون أن يعلم عنهما أي تفاصيل أخرى.
وأكد الشرطي محمود أنه قام بإبلاغ المساعد المسؤول عن القطاع الذي بدوره قام بإعلام عمليات نسر وطلب منه إبقاء الطفلة لديه لحين حضور دورية من قسم شرطة الميدان لاستلام الطفلة كونها ضمن قطاع عمل قسم الميدان وقد بقيت الطفلة برفقته حوالي عشرين دقيقة لحين حضور الدورية واستلامها
وعلى الفور تم إرسال عدة دوريات إلى تقاطع مشفى دمشق لجمع المعلومات ومتابعة الكاميرات الموجودة في المكان وتم إرسال دورية بأمرة الرائد رامز عساف وبرفقة الشرطي محمود عزوز إلى مشفى الباسل لأمراض القلب بحثاً عن الامرأتين اللتين سألتا الشرطي عن كيفية الوصول إلى مشفى الباسل ولم يتم العثور عليهما.
وبتدقيق كاميرات القسم تبين دخول شرطي برفقة الطفلة التي يقدر عمرها بين ثماني إلى عشر سنوات وذلك بالساعة 14.11 دقيقة وكانت ترتدي بنطال جينز وجاكيت أحمر وقبعة صوفية وحذاء نصف ساق وتم اصطحابها إلى مكتب الضابط المناوب بالطابق الأول الرائد محمد باطوس وبعد حوالي عشر دقائق شوهدت تدخل إلى الحمام برفقة الرقيب الأول علي حسن الذي قام بفتح باب دورات المياه وإدخالها وإغلاق الباب والبقاء بانتظارها في الممر وبالساعة 14.23 حصل الانفجار
تم التحرز على جهاز تسجيل الكاميرات تمهيداً لإرسالة إلى فرع المعلوماتية لسحب محتوياته.
تم التحرز على الاشلاء ووضعها ببراد مشفى المجتهد بعد اخذ العينات اللازمة من أجل ارسالها إلى إدارة الأمن الجنائي لإجراء الخبرة الفنية عليها.
** ** **
رئيس هيئة علماء بلاد الشام:
من تجرد من وطنيته فقد تجرد من دينه وإنسانيته
وسألنا رئيس هيئة علماء بلاد الشام وعميد كلية الشريعة بجامعة دمشق الدكتور محمد توفيق رمضان
كيف تنظرون إلى حادثة تفجير الطفلة في عملية انتحارية بيد أبويها…فقال: ما جرى يعد عملية قتل قذرة تجاوزت وصف الوحشية لأن الوحوش تنأى عن مثل هذا الفعل الشنيع. وإذا كانت الشريعة الإسلامية لا تعتد بعبارة طفلة في مثل هذا السن فكيف تسمح بزج هذه الطفلة الساذجة في عمل إرهابي بدعوى أنه طريق إلى الجنة ؟!
إن المجرم قد زج طفلة في عمل إجرامي ليوغل في تضليل الهدف عن كشف جريمته فهو لم يقتل طفلة وإنما حاول قتل مشاعر الناس والشعور بالشفقة على مثل هذه الطفلة أو هكذا أراد.
إن التنظيمات التي تحتوي على مثل هذه المخلوقات تمثل أقذر ما توصلت إليه همجية اللوبي الصهيوني الأميركي، وأحط ما وصلت إليه نفوس منتسبي هذه التنظيمات الإرهابية.
لقد تجردت هذه التنظيمات عن الوازع الديني والوازع الأخلاقي وتجردت عن الحد الأدنى من الإنسانية وتجرد هذه التنظيمات عن ذلك يزجها فيما لا يتخيله المرء من الدناءة والإجرام.
وهذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة من فظائع هذه العصابات المجرمة.
أما هذان الأبوان فإنني أعتقد أن قلبيهما قد تجردا عن الحد الأدنى من الإيمان ومسحت شخصيتهما ليمثلا فكراً وسلوكاً غريباً عن تخيل المجرمين فضلاً عن الأسوياء
وأضاف فضيلته:ما نراه من فظائع هؤلاء المجرمين في بلادنا أمر تجاوز وصف الجريمة والهمجية إلى ما لا يوجد في معاجم اللغة اسماً أو وصفاً يليق بدرجته من الهمجية والإجرام.
فقتل أكثر من خمسين رجلاً في مسجد جلسوا يتلون كتاب الله لاغتيال رجل تجاوز الثمانين وهو في خدمة كتاب الله ونشر العلم والفضيلة… وإحراق الإنسان وهو على قيد الحياة…. وغير ذلك أمور جديدة في عالم الهمجية والإجرام.
وتابع يقول: الدين والوطنية صنوان. فحب الوطن من الدين والوطنية قيمة تستمد قوتها وقدسيتها من الدين ومن تجرد عن الوطنية فقد تجرد عن إنسانيته ودينه ومن تجرد عن الوازع الديني فهو عن الوطنية أشد تجرداً.
وأرى أن مصدر مثل هذه التصرفات… عندما يبيع الإنسان عقله وانتماءه للعدو قد يصل به الانحطاط إلى مثل هذا الدرك المنحط من السلوك كما نلاحظ.
وأختم بالقول:إن الوحوش لديها من الشفقة على الصغار ولو صغار غيرها ما يمنعها من مثل هذا الفعل، فكيف بها إزاء صغارها؟
** ** **
أستاذ القانون الدولي بجامعة دمشق:
وصمـــــة عـــــار علــــــى جبيــــــن الإنســــــــانية
وللحديث عن موقف القانون الوطني والقانوني الدولي من استخدام الأطفال في العمليات الانتحارية التقت الثورة استاذ القانون الدولي بجامعة دمشق الدكتور محمد عكام فقال:
الأب بالتوصيف هو نائب قانوني عن ولده وبالتالي هذا يحمله مسؤولية الحفاظ على صحته وماله وحياته،أما أن يقوم والد طفله أو طفلته بدفعه إلى الموت فهذا لايستحق صفة الأبوة هذا من الناحية الإنسانية أما من الناحية القانونية « الأب « يعتبر مجرماً مزدوجاً فهو قاتل لطفله، وقاتل للضحايا الذين أرسل طفله لقتلهم.
بالتالي هو قاتل لقاصر صغير ومحرض على قتل أبرياء لايعرفهم، وهذا مدعاة لتشديد العقوبة ضده هذا من ناحية قانون العقوبات، أما من الناحية الفكرية البحتة فهذا الشخص يوصف بأنه تكفيري إرهابي متطرف إلى أقصى درجات التطرف والإرهاب، وهنا تكمن الخطورة في الأمر.. فالجريمة هي اعتداء على الطفولة والإنسانية، وهذا الطفل ضحية أبيه.. وضحية الفكر المتطرف الذي يحمله الأب.
وهناك قواعد في القانون الدولي تحمي الطفولة حقوقاً وحياة، وأيضاً هناك قواعد في القانون الوطني تحمي حقوق الطفل تجاه من يعتدي عليه حتى لو كانوا أهله.
بنظرة بسيطة لاتحتاج إلى تفحص وتمحيص يمكن القول بكل ثقة أن من يقف وراء ذلك هو فكر متطرف حاقد إرهابي، بعيد كل البعد عن القواعد القانونية الوطنية والدولية وعن الفكر الإنساني عموماً.
بل هي وصمة عار على جبين الإنسانية.
الفرق بين محاربة ومكافحة الإرهاب
أريد أن أشير إلى فكرة تحدث عنها الرئيس بشار الأسد في أحد خطاباته حيث أكد ضرورة التمييز بين محاربة الإرهاب ومكافحته.
فمحاربة الإرهاب هي مايقوم به الجيش العربي السوري على الأرض لهزيمة هذا الإرهاب ودحره من سورية.
بينما مكافحة الإرهاب عملية تتطلب وقتأ طويلاً يجب أن تشارك بها جميع شرائح الشعب ومؤسساته لتعرية هذا الفكر وإبراز بعده المطلق عن الاسلام وعن أي دين من الديانات السماوية.
إنما هو بدعة تستخدم من قبل جهات معروفة (تستخدم هؤلاء الغوغاء الذين يميلون مع كل مائل، وينعقون مع كل ناعق) كوقود رخيص للتنفيس عن أحقاد لا علاقة لها بالواقع ولايستفيد منها إلا حملة المشروع الصهيوني.
** ** **
المشاهدات والكشف الفني:
بتاريخ الجمعة 16/12/2016 الساعة الثانية والنصف بعد الظهر تقريباً حصل انفجار بواسطة حزام ناسف تحمله طفلة عمرها حوالي ثماني سنوات في شرطة الميدان- ضمن دورة المياه في الطابق الأول، حيث أدى الانفجار إلى تحطم جدرانها والجدران المجاورة تماماً لها والأبواب والنوافذ والأثاث في المكتب المجاور، كما أدى الانفجار إلى تحول الطفلة إلى أشلاء.
تم رفع عدة آثار من مكان الانفجار والأمكنة المجاورة له مثل عينات تربة، أجزاء قماشية، كرات وقطع معدنية صغيرة لدراستها في قسم المخبر الجنائي لتحري آثار المواد المتفجرة.
الفحص والدراسة الفنية
تم إجراء الفحوصات المخبرية على عينات من المواد المرفوعة منه المكان وذلك حسب التقنيات التالية:
– الاختبارات اللونية لونغ- نسلر.
– جهاز كشف كيميائي عن المواد المتفجرة.
– كروماتو غرافيا الطبقة الرقيقة TLC.
النتيجة
من خلال الكشف على مكان الانفجار ودراسة الآثار المرفوعة من تبين لنا مايلي:
1- حصل الانفجار بواسطة حزام ناسف تحمله طفلة مجهولة الهوية.
2- بالاعتماد على شكل وحجم الأضرار الناتجة عن الحادث ومسافة تأثير موجة الضغط نقدر كمية المادة المتفجرة بحوالي 1كغ على الأكثر مقارنة مع مادة TNT.
4- الآثار المرفوعة من المكان تبين أنها تحوي آثاراً من مادتي: RDX المتفجرة والتي تدخل أيضاً في تركيب مواد متفجرة أخرى مثل مادة c4، ومادة PETN المتفجرة.
** ** **
مقتل الأب السفاح
وفي سياق هذا التحقيق يجدر الذكر أن عددا من الوكالات والمواقع الإخبارية نشرت شريط فيديو يُظهر مقتل الإرهابي السفاح (والد) الطفلة فاطمة المدعو أبو نمر بعد إطلاق النار عليه من قبل مسلحين مجهولين في حي تشرين عند أطراف دمشق بعد مقتل طفلته بأسبوع تقريبا، ورجحت تلك المصادر أن تكون جبهة «فتح الشام» هي من قامت بتصفيته.
و أبو نمر كما تذكر تلك المصادر انضم في البداية إلى صفوف «جبهة النصرة» ثم إلى «داعش» في الغوطة الشرقية، ليطرد منه لاحقا ويلتحق بحركة «أحرار الشام».
وعمل مع «أحرار الشام» في القابون بصفته قياديا أمنيا، قبل أن يفك ارتباطه بالحركة ويعمل «بشكل مستقل تحت عباءة وحماية جبهة النصرة».