ثورة أون لاين: قليلة هي الكتب التي تناولت الطواحين وصناعة الرغيف ودورهما التاريخي والحياتي كما كتاب “الطواحين حكايات تغسل أقدامها على ضفة النهر” للباحث والإعلامي علي الراعي.
وجاء الكتاب الصادر حديثا عن الهيئة العامة السورية للكتاب عبارة عن دراسة جمالية تراثية في رحلة رغيف الخبز مستعرضا في ثلاثة فصول نشأة الطواحين في سورية حيث كان شعبها أول من استنبت حبة القمح ورحلتها مع الفلاح السوري منذ زراعته لها إلى أن تصبح رغيف خبز إضافة إلى أنواع الطواحين وأقسامها وارتباطها بالأنهار والمجاري المائية وتجذر طواحين القمح وصناعة الخبز في التراث الشعبي السوري لاسيما الغنائي.
وبين الراعي في كتابه أنه يوجد في سورية حاليا نحو عشرين صنفا ما بين قمح قاس وطري حيث تكاد لا تخلو منطقة سورية من زراعتها مؤكدا أن الاكتشافات الأثرية تشير إلى أن الجزيرة السورية عرفت زراعة القمح قبل 500ر10 سنة موضحا ما للقمح من فوائد صحية
كبيرة.
وتحدث الراعي عن المحاريث الزراعية التي كان يستخدمها الفلاح السوري في حراثة الأراضي تمهيدا لزراعة القمح والتي كانت تعتمد على حيوانات الجر بشكل أساسي وعمليات الحصاد بواسطة المناجل ونقل السنابل المحصودة إلى البيادر بواسطة الجمال يليها عملية
الدرس وهي فصل الحب عن القش بواسطة آلة النورج التي تجرها الأحصنة أو الثيران أو البغال والحمير ثم عملية التدرية أي فصل التبن عن الحب بواسطة آلة المذراة ليعبأ القمح بشوالات تمهيدا لنقله إلى المطاحن.
كما تطرق المؤلف في كتابه للكيال الذي كان يقوم بتقدير حجم مواسم القمح التي يزرعها الفلاحون لبيعها للتجار عبر أداة تدعى المد لينتقل بعدها المؤلف إلى وصف جاروشة البرغل التي سبق ظهورها الطاحونة المائية مبينا أن الجاروشة تتكون من حجرين مستديرين من البازلت أحدهما أثقل من الآخر يجمع بينهما وتد خشبي.
ويسهب الراعي في الحديث عن طاحونة النهر مبينا أن السوريين القدماء كانوا يفضلون اختيار الأنهار الكبيرة لبناء الطواحين
وينتقون لذلك مكانا منخفضا جدا لمجرى النهر بالاعتماد على قوة دفع المياه الساقطة بقوة في جب الطاحونة كالنواعير العديدة
التي عرفتها ضفاف نهر الأبرش ومازال بعضها قائما وعمرها يتجاوز الـ300 سنة إضافة لطواحين وادي الغمقة التاريخي ونهر المتراس في طرطوس مع تبيان أنواع الطواحين المائية حسب آلية عملها.
ويعرض المؤلف للحواجز المائية “سكور الماء” التي كانت تقام في عرض النهر لحمل المياه على المرور بمجرى الساقية والتي على مياهها الدافقة في جب الطاحونة دويرها بجب الطاحونة ليعرج بعدها إلى صناعة تنور الخبز والدور بالغ الأهمية الذي لعبه في تأمين قوت السوريين لزمن طويل.
ويختتم الراعي الكتاب بالحديث عن تناول الموسيقيين والشعراء للطواحين في الغناء الشعبي.
يشار إلى أن الكتاب الذي يقع في 151 صفحة من القطع المتوسط هو خامس مؤلفات علي الراعي الذي صدر له سابقا “الإعلان التجاري” و”دروب في المشهد التشكيلي السوري” ومجموعتان قصصيتان هما “كومة رماد” و”كمواويل”.
سانا