ثورة أون لاين – ديب علي حسن:
ذات يوم طرح أحد المفكرين سؤالاً يقول: ماذا لو لم يكتشف كولمبوس أميركا العالم الجديد، نتيجة خطأ ملاحي، هل كانت البشرية وقعت بخطايا ما يجري،
أم كانت قد تأخرت قليلاً من الزمن إلى أن يقيض الله لها من يكتشفها على اساس أن كثيراً من الوقائع مقمطة بنواميسها،
ولابد أنها ستقع حين تنضج ظروف حدوثها..؟
لكني أجد أن السؤال الأكثر إلحاحاً: ماذا لو أن كولمبوس لم يحمل معه من العالم الجديد التبغ والكاكو.. وماذا لو أن العالم لم يعرف البطاطا من أميركا الجديدة والجنوبية تحديداً، وظل الخبراء الزراعيون يعملون لعقود من الزمن حتى صارت صالحة للاستهلاك البشري، وبذلك أنقذوا البشرية من مجاعات وكوارث، وكون الشيء بالشيء يذكر، فقد احتفل العالم منذ فترة من الزمن بما اسماه عام البطاطا، وللبطاطا عندي ذكريات حلوة ومرة، مرة لأنها ترتبط بعصا التوت التي كان أبي – رحمه الله -يركنها بمكان ما ولتكون بالتناوب مع قضيب الرمان درساً مسائياً إذا ما كانت شكوى الجيران قد وصلت وللإنصاف لم يكن ليعاقبنا إلا إذا كانت الشكوى صحيحة، وبعد أن تنهي أمي خبز التنور، وتضع البطاطا تحت الرماد، ونتناول العشاء…..
بعد ذلك يتم الاستدعاء والتحقق ومن ثم لسعات مؤلمة، ليست بالضرورة عادلة نتيجة وشاية ما، لكن ما لنا وللبطاطا، وهذه الأيام في الكثير من الوزارات موسم (الشوكولا) وطبعاً كان كولمبوس قد اصطحب معه الكاكاو المعروف في العالم الجديد قبل الميلاد كما تقول الدراسات بأكثر من 1300عام..
عاد به، وكما البطاطا والبندورة وغيرها خضع هذا الشراب لتطورات مهمة جداً، أجريت تجارب شتى عليه إلى أن وصل إلى حالة الشوكولا، فقد كان سائلاً، تم تجميده فيما بعد، وبالمناسبة أيضاً كان الديناميت سائلاً، والفرد نوبل نال شهرته من عمله على تحويله إلى مادة صلبة، وكلاهما (الشكولا والديناميت) لهما فعل التفجير…
أما إذا ما سالتني عن أول تذوق لي للشوكولا، فربما من المفيد أن أعلمك أننا كنا نفرح لحدثين مهمين ونحن اطفال، ولادة طفل في البيت، لأن ذلك يعني المزيد من الهدايا التي تأتي بها النسوة، وهي في الأعم الأغلب (شوكولا، راحة، بسكويت…) وبالتأكيد كان أول اكتشاف للشوكولا من قبلي يعادل اكتشاف كولمبوس للكاكو، أما الفرحة الثانية فكانت حين تضع البقرة مولودها، عندنا أم عند الجيران، لايهم، لأن ذلك يعني المزيد (من الشمندور اللذيذ) الحليب اول إدراره من ضرع البقرة، يوزعه الجيران على بعضهم البعض.
أما هدايا المرض، وغير ذلك فكانت تفاحاً، أو موزاً، وما يكون موسمه من الفواكه، أما لماذا الشوكولا الآن؟
فلأن سؤالاً يطرح نفسه: من كان أول صاحب منصب وزع شوكولا؟ ولماذا خطرت بباله، وكيف، هل الأمرعرف عالمي..؟.
مع كل تغيير، وهذه سمة التطور والعمل، تغيير في مفاصل عمل ما توزع الشوكولا، بالنسبة لي شخصياً، ربما تذوقتها مرة واحدة بهكذا مناسبات، لأني عادة عندما يتسلم بعض من أعرفهم مناصب ما، أمام أحد أمرين: إما… أو أقصي نفسي، والغالب أني أفعل من تلقاء نفسي الأمر، ولكن أشعر هذه المرة أن شوكولا حبر الإعلام تجعلني متفائلاً وبقوة، لأن حساً خفياً يقول لي: لقد طفح الكيل، وثمة ترسيخ لمسارات حقيقية، ليس انتقاصاً من دور قام به أحد ما، في أي موقع، إنما تصويب للكثير مما جرى والعمل برؤى لا تمالىء….هل تتذوقون معي طعم الهندباء…….؟.