«إن إثارة الغضب والحنق والقسوة والميل إلى التدمير أسهل بكثير من إثارة الحب والاهتمام الإنتاجي الفعّال»..
لربما كانت إثارة هذه الأمور السلبية أسهل فعلياً من إثارة ما يقابلها..
لكنها بالآن عينه تحتاج إلى طاقة «نفسية» مضاعفة بمرّات لتحصيل غايتها المنافية تماماً لغاية الشيء الإيجابي والمثمر حبّاً واهتماماً.
بالطبع يحتاج الحب إلى جهد ورعاية لكنها أثمان لا نشعر بثقلها لأنها نابعة من خالص رغباتنا.. فترتدّ بأفعالٍ تتجانس وطبيعتها المتجاوبة مع غاية البناء.
في كتابه «تشريح التدميرية البشرية»، يصل المحلل النفسي وعالم الاجتماع إيريك فروم إلى خلاصة أن العنف موجود في كل المجتمعات البشرية وتمارسه بطرائق مختلفة.. وغالباً لا يتحوّل هذا العنف إلى عدوان لأن ثمة مؤسسات اجتماعية تحدده وتنظمه.
هل ممارسة العنف لدى الإنسان، نزعة أم غريزة..؟
في مؤلّفٍ آخر، يرى فروم: «كل سلوك تدميري ليس نتاجاً عملياً لغريزة تدميرية في بنية الطبع البشري بل محصلة دوافع ونزعات ليست طبيعية بالضرورة وإنما لها علاقة وثيقة بالممارسات والطقوس الثقافية».
في رؤية حول العدوانية المؤذية والعدوانية غير المؤذية، يتجه إلى أن كل الممارسات التي تؤدي إلى التدمير ليست ناتجة بالضرورة عن «شغف بالتدمير»: (ليست الطبيعة البشريّة نفسها هي التي تدفع فجأة إلى القيام بهذه الممارسات، بل هناك طاقة تدميريّة كامنة تغذيها بعض الظروف الخارجيّة والأحداث المفاجئة فتدفع بها إلى الظهور)..
وبالتالي يمكن أن يظهر منّا سلوك محدد، لم نكن خبرناه أو عرفناه سابقاً، ضمن بيئة ظرفية معينة أدّت إلى إطلاقه..
وفق ذلك، يمكن أن تكون بعض الممارسات وليدة لحظتها وشرطها التاريخي..
هل يجعلنا ذلك كله غرباء عن أنفسنا في لحظة معينة..؟
أم لعله يعرّفنا بذواتنا أكثر من حيث كونه يصلنا بنقاط غامضة عنّا لم نكن استكشفناها في ظلّ المثالي من الظروف..؟
بعد هذه السنوات من الحرب، هل أصبحنا على علم بأنفسنا أكثر.. أم أصبحنا نجهلها مرات مرات..؟
لكن قبل تشريح طاقة عنف استهلكتنا وجب تشريح مسبباتها..؟
والسؤال الأكثر حيرةً، كيف يمكن تحويل جريان طاقة تدميرية، إلى طاقة بناء..؟
lamisali25@yahoo.com
لميس علي
التاريخ: الخميس 25-10-2018
الرقم: 16819