حين صرخت عارية وسط الشانزليزيه «موكب نفاق» اي ثوب ارتدت تلك «المجدلية» لتخلع عن دونالد ترامب وماكرون وميركل اقنعة الحفلة التنكرية لمنتدى السلام في فرنسا..
هناك تحت قوس النصر لم يكن المشهد كما بدا..احتفالية المئة سنة على نهاية الحرب العالمية الأولى بل ثمة جثث معلقة وأخرى تنتظر في تلك المسافة بين زمن من الوحشية وأزمان أكثر إرهابية، جثث 18 مليون بريء هي ذاتها لم تبرح ألمها وإن غيرت مقابرها الجماعية، فتدحرجت الجماجم الى الشرق الاوسط حين ركل (بلفور) هيكل بني صهيون الى المنطقة، واستمرت أميركا تكسيه حروباً من أشلائنا..وتشرب دماءنا نخب نكسات في فناجين القهوة العربية؟!
أميركا في سكرها وسكيرها اليوم تحطم الفناجين على رؤوس الطوافين عليها، وتكاد تركل براميل النبيذ في وجه ماكرون المحتفي بمئة عام من الخراب خارج توقيت الغرب، والمعلق على أنفاسنا في الشرق حتى اللحظة.
أليس من المهين أن يقول الصبي الفرنسي في وجه سيد البيت الأبيض وقد أخذته الحميّة في الاستعداد للاحتفالية المئوية أن على أوروبا توحيد جيوشها في حين لا يزال ترامب محتاراً في كيفية الإجهاز على آخر شريان للوحدة العربية؟؟
أسهل لماكرون أن يرمي رداءه على وجه زوجته الستينية ليعيد شبابها قبل أن يفكر في استعادة أوروبا لأمجادها أمام البضاعة العسكرية الأميركية..
قد يفكر ترامب أن يكسر قوس النصر على رؤوس الأوروبيين أو أن تبقى القارة العجوز مستشارته الفخرية في كل حروبها التي يخوضها بتفويض (الهي) مع داعش، أو بين سطور العقوبات على الدول والانسحابات من المعاهدات..
ألا يكفي ماكرون وأوروبا غطاء الاستثناء للمرور بالمصالح من تحت العقوبات على إيران مقابل دفع الجزية للناتو.. عليكم دفع الجزية للناتو… ليست هذه دبلوماسية التغريد التي رآها ماكرون على جدار ترامب الافتراضي… هي حقيقة أولى صفعات التأديب لأوروبا في احتفالية السلام التي تقيمها..فالأميركي لم يأتِ فرنسا من انتخابات الكونغرس النصفية صحيح المزاج، بل عليه أن يجتاح مابقي من نصف العالم ليعوض نصف مقاعد الجمهوريين التي فقدها.. على ترامب أن يصدّر مزيداً من آزماته ليخوض انتخاباته القادمة والصعبة داخل صناديق وتوابيت الموتى في الشرق والغرب إذا لزم الأمر.. فالسياسة الأميركية هي سباق الى مزيد من خراب الشعوب وليست تنافساً ديمقراطياً بين الجمهوريين والديمقراطيين… من يفوز بصفقات أكثر لشركات الأسلحة هو سيد البيت الأبيض..وبقدر أعمدة الدخان في العالم يجني الناخب أصواتاً في الصناديق السوداء لإدارة أميركا…
هو سباق «ديمقراطي» لحصد الأرواح وجني الأرباح من الحلفاء والأعداء..قد تكون السعودية أكثر خبرة في السياسة الأميركية التي جعل ترامب من لعنة الخاشقجي كابوساً يلاحق المملكة حتى آخر قطرة نفط وآخر قطرة ماء وجه إن بقي… يبتسم أردوغان باطمئنان فهو حتى الآن الأغنى عند واشنطن بما يملك من خزان للتطرف، ولا يزال يحكم يده على الورقة الإرهابية في سورية…يبيع ما يبيع لموسكو في سوتشي ثم يعرض البضاعة مرة أخرى على ترامب..فهودج التجارة على الحدود مع سورية يمتد لشمالها في إدلب منزوع السلاح لكنه مفخخ بأحزمة الانقلاب على اتفاق سوتشي.. قابل للتفجير في اللحظة التي يصل فيها نداء أردوغان على بضاعته الى شرق الفرات…هناك حيث زبائنه من البنتاغون وقد أفرغوا كل ما في جيوبهم من (كبتاغون) الانفصال لبعض الأكراد..
يبتسم أردوغان في غرور السلطان معتقداً أن طربوش العثمان ثبت بلاصق الخاشقجي، وهندسة سوتشي وحاجة ترامب للاعب التركي..وينسى أن ترامب يعرف كيف ينقض في اللحظة الأخيرة على حلفائه أكثر من أعدائه وهو إن جعل من أشلاء الخاشقجي في حركة سحرية ستاراً ليخرج النار من (يمامة) قصر آل سعود، فلن يعجز عن إرجاع أردوغان في لحظة عسكرية أو سياسية أو حركة داخلية الى حجرة الحرملك في الناتو..
يتقن ترامب تدجين حلفائه أكثر من مجاراة أعدائه، وهو لن يسمح بخروجهم من تحت قوسه الأميركي….فترامب لايعنيه الاحتفاء تحت قوس النصر في باريس الى جانب بوتين شيئاً…بل يذكره أنه لم يستطع الوقوف تحت قوس النصر في تدمر السورية..هناك حيث سقط داعشه مرتين…وما خسره ترامب ومن سبقه في سورية ربما يعادل حرباً عالمية ثالثه لم تنته بعد…
كتبت عزة شتيوي
التاريخ: الأثنين 12-11-2018
رقم العدد : 16834