جدار الحل السياسي يتم إنشاؤه بسرعة، ومنسوب التفاؤل بإنهاء الأزمة وإغلاق باب الحرب يرتفع عند السوريين، بينما لا تزال واشنطن تسخر خيالها الهوليودي لاختراع الحجج والذرائع لوضع العراقيل بوجه هذا الحل متكئة على أكتاف أتباعها، كما تتعكز على حماقاتهم وسياستهم العديمة الأفق.
على مسرح الانتهازية الصارخة تستعرض واشنطن مع شريكها التركي ومفاصل إدارة نظامه فصول أطماعهم من إدلب إلى عفرين ومنبج، وهما يكشران عن أنيابهما بشراهة لقضم مساحات من الأراضي السورية، ونياتهما أصبحت جلية لكل متابع لتفاصيل التطورات في الشمال السوري، وكيفية تحريض الإرهابيين على المزيد من الاعتداءات على الأرياف المجاورة لتلك المحافظة.
اليوم تلقي واشنطن بكامل ثقلها على شرق الفرات، وسط أنباء كثيرة ومعلومات عن استقدامها ما يسمى بقوات عربية، وزرعها تحت مظلتها وحمايتها لتنفيذ مخططها الذي تتوق له منذ سنوات، غير آبهة بالتحذيرات من جر المنطقة إلى أتون الحرب الإقليمية، وغير مدركة مدى الإصرار السوري على تحرير كامل التراب الوطني، مهما كانت طبيعة القوات المنتشرة هناك، ومهما كانت تابعيتها، لأن النتيجة واحدة، وهي استعادة هذا الجزء وتنظيفه من رجس الإرهاب الدولي المنظم، كما تم تنظيف سابقيه، لأن هذا الملف سيبقى أساسياً في استراتيجية الدولة السورية وحلفائها، بعد أن برهنوا جميعاً خلال مراحل المعارك الماضية أن ما كان يؤخر تقدمهم الميداني، والذي يتحقق فيما بعد، هو إعطاء الأطراف الأخرى المجال للتفاوض والبحث بين ركام الحماقات عن فرص للنجاة والتسويات السلمية، وهو ما كان رغم ذلك يدفع الإرهابيين ومشغليهم لاستغلال تقدم ما على الأرض، أو لاكتساب نقاط ميدانية لاستغلالها في التفاوض، لكن من دون جدوى كالعادة، حيث برهنت جميع الجولات خطأ نظريتهم ومساعيهم.
الفرصة الآن ممنوحة أكثر من أي وقت مضى للأتراك والأميركيين للانسحاب من الجولة القادمة، لكنها باتت محكومة بسقوف ومهل، وسوف تكون النهاية كما يشتهي السوريون، وأوهام أولئك سوف تشبه أضغاثاً أخرى في جنوب ووسط البلاد وأماكن أخرى تم تحريرها، فتلك المهل عندما انتهت كان الخيار العسكري جاهزاً، وعليهم الاستعداد للاختيار بين المواجهة أو التراجع، وما ينطبق على إدلب ينطبق على غيرها كما انطبق على ما قبلها من مناطق سورية.
كتب حسين صقر
التاريخ: الخميس 22-11-2018
الرقم: 16842