عندما تطفو الأقوال على سطح الأفعال، تبتعد الأهداف ويطول الطريق نحو تحقيق الخطط والإستراتيجيات، ويتأخر وصول المستقبل الذي سيبقى في المحطة بانتظار قطار العمل والإنجازات، وتبقى مصالح المواطنين مؤجلة إلى حين.
خلال الأسابيع الماضية، أثارت بعض التصريحات هواجس لدى سكان المناطق العشوائية والمخالفة، بعد أن تم الحديث عن أفكار وربما تصورات يجري التحضير لها لإطلاق مرحلة جديدة تتعلق بتلك المناطق لجهة تنظيمها أو إعادة رسم مخططات جديدة لها.
المهم في المسألة والذي كان له التأثير الأكبر هو مصير الملايين من المواطنين، هم سكان تلك المناطق الذين دفعتهم الحاجة إلى اللجوء للسكن العشوائي المخالف، في وقت تقاعست فيه الجهات المعنية عن الالتزام بواجباتها في تأمين السكن النظامي.
فالمشكلة بالأساس ليست من صنع المواطن المحتاج للسكن، والحل النهائي المتمثل بالسكن العشوائي جاء نتيجة لأخطاء الجهات المعنية، ومع ذلك فإن المعالجات اليوم وبعد عقود من الزمن تأتي على حساب المواطن نفسه الذي دفع الثمن في البداية، باضطراره للعيش في ظروف غير طبيعية وسكن غير نظامي وشروط غالباً ما كانت غير صحية وغير مناسبة لإنسانيته وخاصة في بدايات نشوء تلك المناطق العشوائية، ويبدو أنه سيدفع الثمن في النهاية في ضوء ما هو مطروح من معالجات وحلول…!!
ونعود هنا للحديث عن الأقوال والأفعال، لنجد أن بعض ما يجري التصريح به من حين لآخر يكاد ينحرف كثيراً عن تحقيق مصالح الغالبية من المواطنين، ونحن نعلم ما للسكن من أهمية وحساسية في حياة الناس ومعيشتهم واستقرارهم النفسي والمعنوي، وما لهذا من انعكاس مباشر على أداء الأفراد ومساهمتهم في بناء مجتمعاتهم.
بهذا المعنى قد لا يبدو من الملائم أن يتم إهمال مصالح ومصير المواطنين، مهما يكن من شأن الاستثمار الذي سينجم عن بعض محاور التفكير الجديدة، وتركهم يعيشون هواجس مستقبل بات مجهولاً، بعد قراءتهم لأفكار بعض المعنيين وما يحضرونهم من خطط وبرامج تمس بشكل مباشر سكنهم واستقرارهم، وبعد معاينتهم للآثار الناجمة عن تجربة مماثلة في واحدة من تلك المناطق..!
محمود ديبو
التاريخ: الأحد 25-11-2018
الرقم: 16844