بين وجع خاصرتها و أنين جيبها توزعت أناتها و آهاتها ، و بين عملية زائدة دودية و عمليات حسابية أشعلت عقلها تفكيراً و تمحيصاً ، تاهت في دهاليز الأرقام و بنود فاتورة مفجعة عن جرح نازف ألم بها ، لتستقبلني على فراشها ممددة و أنا القادمة لإجراء جراحة ليدي ، بأن احذري نهباً قادماً سيلتهم جيبك تحت مسمى تكاليف فحوصات طبية تسبق عملية جراحية ، و إن كان بإمكانك المغادرة فلتسارعي قبل التورط بفاتورة حافلة، تجعل جيبك نازفة أكثر من جرح جسد ، فغدر الأرقام أكثر وجعاً من مبضع جراح .
للحديث عن تكاليف الكشوفات الطبية و العمليات الجراحية شجون و مواجع ، فالأرقام حلقت شاهقاً و قفزت بعيداً عن متناول متوسطي الحال من عليلي الأجساد ، و أصبح العلاج و الدواء و التدابير الجراحية ترفاً و رفاهية للغالبية العظمى من الشرائح الاجتماعية ، و بات قضاء ليلة في مشفى خاص أكثر تكلفة من الاستجمام بفندق بنجوم خمس، و المتاجرة بوجع مريض و اختلاق حجج واهية لفحوصات شاملة قد لا تكون ذات ضرورة ، و التمسك بالعليل لقضاء أطول فترة ممكنة ، أمست سياسة ممنهجة لنهب بأيدٍ ناعمة ، تحت ذريعة الخوف على صحة مريض لا حول و لا قوة .
لعلمكم … وصلت تسعيرة استئصال زائدة دودية في أحد المستشفيات الخاصة إلى « مائتين و خمسة و سبعين ألف ليرة سورية فقط لا غير « !! .. و هذا القفز الجهنمي للفواتير رافقها اشتعال غير رحيم في كشفية الأطباء في عياداتهم الخاصة ، لتلامس الآلاف العشرة لدى بعض الأطباء من ذوي الأسماء اللامعة في عالم الطب , و إن كنتم من ذوي الجيوب الفارغة فما عليكم إلا الاستشفاء في المشافي الحكومية ، و لو كان الانتظار سقيماً ثقيلاً على متألم ذي وجع ، و لكنه أقل وجعاً من فواتير نارية ممن امتهن التجارة من الأطباء …
منال السمّاك
التاريخ: الثلاثاء 27-11-2018
الرقم: 16846