شكلت صناعة الغزل والنسيج على مدار العقود الماضية واحدة من أهم الصناعات الإستراتيجية الوطنية، إلا أن هذه الصناعة وجدت نفسها في مواجهة منافسة قاسية
وغير متكافئة دون أن تكون مستعدة لذلك الاستعداد الكافي، ناهيك عن الاستهداف الممنهج والتدمير والتخريب الذي تعرض له هذا القطاع كغيره من سائر القطاعات جراء الحرب الظالمة التي استهدفت سورية . والتي أدت إلى توقف عدد كبير من الشركات والمحالج عن العمل .
اليوم ومع بدء التعافي من الحرب الظالمة والاستعداد لمرحلة إعادة الإعمار، وبالنظر إلى أهمية هذه الصناعة وتمتعها بمزايا كبيرة يأتي في مقدمتها توافر مدخلات الإنتاج بالكامل كاليد العاملة الخبيرة والمادة الأولية التي تزرع محلياً، الأمر الذي يستوجب اتخاذ جملة من الإجراءات لتطوير وتحفيز الصناعات النسيجية في جميع مراحلها، بدءاً من زراعة القطن وصولاً للمنتج النهائي وتسويقه محلياً وخارجياً بهدف استعادة مكانتها وتميزها وتعزيز دورها في التنمية ودعم الاقتصاد الوطني، ورفع الرسوم الجمركية على الواردات من الغزول والأقمشة، ومنع التهريب لحماية المنتج الوطني وتوفير كافة وسائل الحماية للمنتج المحلى، وإحداث مركز معلوماتية يقدم الخدمات للمصنعين السوريين تتضمن الإحصاءات العالمية والأسواق المستهدفة والمنافسين والتعريف بالمنتجات السورية والمصنعين والقيام بحملات إعلامية ودعائية مستمرة .
إنقاذ هذه الصناعة من عثرتها وإخراجها من أزماتها يستلزم وضع خطط وتدابير حكومية مدروسة لمعالجة الصعوبات التي تعاني منها هذه الصناعة، وتجاوز الآثار السلبية التي خلفتها الحرب ومساعدة المصنعين في هذه المواجهة، وفي مقدمة هذه الإجراءات إحداث لجنة وطنية للنهوض بالصناعات النسيجية تضم جميع الحلقات الإنتاجية في هذه الصناعة والخدمات المرتبطة بها بحيث تتولى وضع الخطة اللازمة لتطوير كافة أنشطة هذه الصناعة وتوفير مستلزماتها ومتابعتها، وتحقيق التناسق والتكامل فيما بينها بما يحقق زيادة تنافسية هذه الصناعة وتطويرها، وبلورة فرص استثمارية جديدة في مجال الصناعات النسيجية وإنشاء مجمعات متكاملة للغزل والنسيج والألبسة ومراكز تسويقية بعد تأمين كوادر مؤهلة تتولى لاحقاً عملية تسويق المنتجات السورية للوصول إلى المستهلك مباشرة.
قطاع الغزل والنسيج من القطاعات الحيوية والأساسية في الاقتصاد الوطني وهو قاطرة للنمو ويعول عليه الكثير في المرحلة القادمة، وإعادة النظر فيه باتت ضرورة وهو أمر لا بد من معالجته حتى تعود الروح لهذه الصناعة العريقة والمهمة.
بسام زيود
التاريخ: الأربعاء 5-12-2018
رقم العدد : 16853