من حين لآخر يجدد الصناعيون دعواتهم لفرض حماية على المنتجات الوطنية المحلية، بدعوى أن الإنتاج المحلي مطابق للمواصفات ويغطي حاجة السوق المحلية، وأن أي حالة إغراق من السلع المستوردة قد تؤدي إلى إغلاق عدد من المعامل وبالتالي تسريح عمال و…. الخ
مثل تلك الدعوات والمطالبات تحمل في مضامينها جوانب إيجابية كبيرة، خاصة في هذه المرحلة، لجهة ما تشهده الصناعة الوطنية من ظروف قاسية ولدتها تداعيات الحرب العدوانية على البلاد..
فمن جهة يحق للصناعي الذي ينتج ويطرح سلعته في الأسواق المحلية، أن يحظى ببعض المزايا التي تمكنه من الاستمرار في عمله وتطويره، بالنظر إلى الفوائد التي تعود عليه خاصة وعلى المجتمع بشكل عام، لكون القطاع الصناعي من أهم القطاعات التي تؤمن فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، وتوفر منتجات بديلة عن المستورد ما يعني توفير القطع الأجنبي، وغير ذلك..
لكن وبالمقابل، فإن المطالبة بفرض حماية وعدم السماح باستيراد السلع المشابهة، من شأنه أن يؤثر على قطاع التجارة والمستوردين، وربما يمنع أيضاً استمرار عمل بعض الوكالات ومكاتب الاستيراد و.. وبالتالي أيضاً هناك أضرار ستقع على اليد العاملة مباشرة، إلى جانب آثار أخرى..
وما بين هذا وذاك، يبرز الكثير من التفاصيل التي تحتاج إلى دقة في النظر والبحث والضبط أيضاً، قبل أن يتم اتخاذ القرار سواء بالسماح بالاستيراد أم فرض حماية ومنع الاستيراد، وهنا تبرز مصلحة المستهلك بوصفه الحلقة الأهم التي يجب أن تحظى حاجاتها باهتمام الدارسين والمقررين لأي قرار مهما كان اتجاهه..
فالمستهلك هنا يحتاج أن تصل إليه سلعة بمواصفات جيدة وبسعر مقبول، بغض النظر عن مصدر الإنتاج، وهنا نجد أن من سلبيات الحماية التي لمسها المواطن في فترات سابقة، تحكم بعض الصناعيين والمنتجين للسلع (المحمية)، فلا المواصفات كانت بالجودة المطلوبة ولا الأسعار وقفت عند حد يناسب قدرة المستهلكين.. والسبب واضح هنا هو غياب المنافسة الحقيقية وتفرد هؤلاء بالسوق نتيجة الحماية..
ولعلنا هنا في هذا المقام لسنا بصدد قبول أو رفض مبدأ الحماية، ولكننا ننبه إلى أن مثل هذا القرار في حال اتخاذه يتطلب الأمر وضع ضوابط تمنع البعض من استغلال ظرف التفرد بالسوق، وفي حال عدم اتخاذه أيضاً لا بد من شروط تمنع المستوردين من تحويل أسواقنا إلى مكبات لنفايات صناعات دول أخرى..!!
محمود ديبو
التاريخ: الأحد 16-12-2018
الرقم: 16861