رغم كل ما خسرناه خلال هذه الحرب الظالمة ضدنا إلا أن الكفاءات البشرية تبقى هي الخسارة الأكبر، فكل الماديات تعوّض وكل الفرص تُعاد ولكن الخبرة العلمية هي الوحيدة التي تشكل خسارة.
تتباين حول حجم التسرب في الكفاءات العلمية، ورغم أن النسبة بحد ذاتها ليست مهمة لكون الواقع يحكي عن نفسه إلا أن المهم هو تعويضها وطريقة ذلك وضبط هذه الطريقة لجهة أن بعض طالبي الربح وصانعي المرابح باتوا كفاءات تعمل في غفلة من الرقابة ولا مبالاة المواطن نفسه.
صيدليات كثيرة استمرت في عملها خلال ذروة الأزمة وحتى اليوم، وتشبيك لا أجمل حاكته نقابة الصيادلة في سورية بزج كل من دمر الإرهاب صيدليته في المناطق الساخنة مع زملائه في الآمنة منها، حتى لا نفقد خبرة واحدة كساداً أم سعياً خلف الرزق خارج الحدود، وكذلك الحفاظ على استقرار هذا القطاع وهو أمر نجحت فيه النقابة إلى حد كبير، ورغم كل ذلك إلا أن الحديث يدور عن بعض جامعي المال الذين باتوا يُشاهدون في صيدليات تعود لهم يرتدون رداء الصيدلاني الأمر الذي يثير الهلع حول ما يقدمونه من أدوية للمواطن..
أخبار كثيرة عن صيدليات كثيرة لا يقترب أصحابها والقائمون عليها من شهادة الثانوية أو حتى الكفاءة يستأجرون شهادة الصيدلة ويملؤون الرفوف بالدواء ويباشرون البيع. أما ما الذي يجتهدون في وصفه لقليلي الحيلة في التواصل مع الأطباء فلا يعلم به إلا الله، ما يجعل من صحة المواطن المهمّش اجتماعياً أو علمياً على كف عفريت الصيدلية الذي يتقمص دور الصيدلاني..
لا أحد يقف ضد مساعي تأمين المداخيل ولكن المنطق يقول بتكليف صيدلاني بشؤون الصيدلية القائمة على شهادته ليبقى الربح لمن استثمر واستأجر، ولكن تقمص دور الصيدلاني فذلك ضرر بالغ لصحة المواطن وسمعة الصيادلة أنفسهم..
لا يُلام على هذا المشهد (إن صح) بالدرجة الأولى إلا المواطن الذي يشكل وقود عمل هذه الصيدليات المشوّهة.. ولا شك أن تعاونه مع نقابة الصيادلة والإشارة لهذه الصيدليات من شأنه تتويج جهودها في مكافحة كل ما يسيء للقطاع الدوائي.
الكنـــــز
مازن جلال خيربك
التاريخ: الأحد 16-12-2018
الرقم: 16861