لا أشك لحظة بأن الحكومة السورية الموقرة لا تألوا جهداً لتوفير متطلبات الحياة الكريمة للسوريين..
ولا أشكّ أبداً في أن الظروف أحياناً تعاند، فتكون العوائق خارج السيطرة بحيث لا تجري الرياح بما تشتهي السفن.. وكل السوريين لديهم العلم والمعرفة بالذي فعلته المعارضة العميلة القاتلة في البلد وفي الشعب السوري، فكانت السبب الأول في تفشي الإرهاب وتجويع الناس بعد تخريب كل مؤسسات الدولة وتدمير مواردها، لدرجة أننا عندما نجري المقارنة بينها وبين الاستعمار العثماني أو الفرنسي نجد أنها تتفوق عليهما من حيث الإساءة للبلد، ومن حيث النتائج الكارثية التي خلفتها، وستستمر هذه الكوارث لعقود وربما أكثر حتى تتعافى البلد وتعود كما كانت قبل تلك الحرب الهوجاء التي استلمت خيوطها كلها ووجهتها إلى مصلحتها الدول الغربية الغاشمة التي تبذل الشعارات والنظريات كي يتلهى بها العالم الثالث المتخلف التابع ومن ثم تحقق هي مصالحها في النهب والسيطرة واستعباد الشعوب.
ولكن..
وهنا أعود إلى حكومتنا التي تعنى بقضايانا العاجلة وحقنا عليها أن نعرف ماذا يجري.. وكيف تذلل الصعوبات حتى يطمئن قلب المواطن إلى الحاضر والمستقبل.. فمثلاً تعاني البلد من انقطاع الغاز. لدرجة أن المواطن أصيب بالذعر من ارتفاع الأسعار نتيجة لتداول الغاز في السوق السوداء.. ونتيجة لضعف القدرة الشرائية للمواطن، وخاصة للموظف الذي يرفض أن يكون (حرامياً) بكل ما لهذه الكلمة من تبعات ومعوقات نفسية تصيبنا بالاكتئاب.
فماذا لو عرفنا سبب مشكلة الغاز؟ وماذا لو طلع علينا مسؤول ما وشرح لنا الأسباب حتى لا نقع في التأويلات الصائبة وغير الصائبة.. وحتى لا تأخذنا الشائعات ونشعر بأننا كمواطنين (معترين) لا أحد يسمع صوتنا ولا يشعر بحالنا.. ولا يهتم لأمرنا.. وكان يمكن أن ندرك حقيقة ما يجري.. فهل هذا نوع من عقوبات الغرب اللعين، أم من عقوبات القدر الذي ما زال ينظر إلينا ويسمعنا ولا يغير من حركية الخراب والدمار (هذا إذا ما آمنا بأن ما يجري هو قدرنا المكتوب.. ولا نستحق في حياتنا أكثر من ذلك) فالحياة طبقات والبشر طبقات. ولكن دائماً يأتي السؤال متسرباً من وراء باب اليأس (لماذا يكون قدرنا مختلفاً عن أقدار باقي شعوب الأرض؟)
لكن بما أن القدر يتفرج علينا وهو يطلّ من علٍ.. والحكومة تتفرج على مآسينا وهمومنا من علٍ أيضاً.. وتسمع صراخنا من وراء نوافذها المقفلة.. فليس أمامنا إلا الصمت حتى يصير للكلام معنى.. وللمواطن حق بأن يعرف ماذا يجري في وطنه ومن المسؤول؟ ولماذا ترتفع الأسعار كل شهر وتتضاعف أسعار الأدوية وهي لا تزال نائمة على رفوف الصيدليات.. وكذلك الأغذية والمنظفات وكل السلع المطلوبة والضرورية ولا يعرف لماذا ولا كيف سيتدارك هذا العجز بين دخله ومتطلباته.. وهنا لا أتهم الحكومة بالتقصير. لأني أعرف الظروف المحلية والدولية.. ولكن أتهم الحكومة بالصمت.. وربما بعدم البحث الكافي لإيجاد الحلول الناجعة.. نريد أن نعرف الحقيقة حتى لا يظل الغضب يوغر في صدورنا.. على الأقل نعرف أن المحاولات قائمة كما هي محاولات (تسويق الحمضيات) التي تنخفض أسعاره سنة بعد سنة بينما أسعار حتى الفجل والبقدونس ترتفع طرداً مع سعر الدولار؟.
فماذا يجري في البلد يا حكومة البلد؟؟!
أنيسة عبود
التاريخ: الأربعاء 19-12-2018
رقم العدد : 16864
التالي