عندما نعود للحديث عن الأخطاء الطبية قد لا نأتي بجديد، ولكن لا يسعنا ونحن نشهد تكرار هذه الأخطاء وما ينجم عنها من مآسٍ وآلام إلا أن نعاود الكلام مرات ومرات علنا بذلك نوصل صوت من غصت حناجرهم بالكلام أملاً في أن تحظى قضيتهم بالاهتمام الكافي والجاد.
كل يوم نسمع قصة جديدة ليس آخرها وفاة طبيبة شابة أثناء إجراء عمل جراحي بسيط، ووفاة شاب أيضاً باستئصال خاطئ لورم خبيث لتتوالى الأخطاء الطبية، ويذهب ضحيتها العديد من الأبرياء الذين قدموا إلى المشافي لأجل تسكين آلامهم غير المحتملة، فخرجوا جثثاً هامدة بتقرير صغير يذكر فيه أطباء المشفى سبب الوفاة والدعاء للميت بالراحة الأبدية.
والمحاسبة التي من المفروض أن تكون على قدر الإهمال أو الفعل لا تطول جهة سواء أكانت طبيباً أم مشفى، لعدم وجود قانون للمساءلة الطبّية فضلاً عن تعدد المرجعيات النقابية، الحكومية والقضائية، في شكاوى الإهمال أو الأخطاء الطبية الخطيرة التي تجعل أي مواطن عرضة للخطر دون أن يحاسب أحد، حيث يتعرض الطبيب إلى لفت نظر، أو إنذار، وربما لحبس قد لا يتجاوز في أعقد القضايا أياماً معدودة كما لا يفوتنا ما تقوم به بعض اللجان الطبية التي تشكل للنظر في قضية ما تخص أخطاء يرتكبها الأطباء فهي تتأخر «عن قصد» في كتابة تقاريرها وقد تغيب عن المحاكمات، لإطالة أمد التقاضي طمعاً في العفو أو صفح المتضرر مع مرور الزمن أو سقوط الحكم بالتقادم كما أن بعض الأطباء في اللجان الطبية لا يقولون الحقيقة عند وجود شكوى أو دعاوى ضد طبيب آخر، ربما لخوفهم من وقوعهم بخطأ مماثل في المستقبل.
واللافت أن مسارات الشكاوى المقدمة حول الأخطاء الطبية والإهمال تتحكم فيها القوانين العامة مثل قانون العقوبات والقانون المدني، وقانون نقابة الأطباء، وقانون مزاولة المهن الطبية، وجميعها لا تُعرّف الخطأ الطبي، ولا تحقق مبدأ المساءلة العادلة للجسم الطبي عن أية أخطاء مرتكبة .
لذا من المفترض أن يكون الردع الجزائي والمدني الموجود حالياً في القانون أكبر لإنصاف الضحية، ومحاسبة الأطباء لوقف الأخطاء، لذلك من الضرورة وجود قانون للمساءلة الطبية، يراعي تشديد العقوبات الجزائية، وزيادة مقدار التعويض، وسرعة إجراءات التقاضي، وجبر الضرر.
حديث الناس
ثورة زينية
التاريخ: الجمعة 28-12-2018
الرقم: 16872