يوماً بعد آخر تؤكد أميركا أن قرار انسحابها من سورية ليس إلا مزاعم، يريد الرئيس دونالد ترامب من ورائها خلط الأوراق وإعادة ترتيبها من جديد، وبما يتناسب مع الأوضاع التي يمكن أن تترتب عن هكذا قرار فيما لو تحول إلى واقع.
صحيفة نيويورك تايمز الأميركية سربت خبر تمديد ترامب لقرار الانسحاب من ثلاثة إلى أربعة أشهر، ما يعني أن التمديد يمكن أن يتجدد أكثر من مرة، وأن الرافضين لذلك من فريقه الحكومي يمكن أن يُعيدوا الرئيس عن قراره، كما يؤكد أن هؤلاء مازالوا يلعبون على حبال الوقت منتظرين نتائج ما يرسمونه في الخفاء بالتنسيق مع الشريك التركي الذي تنطح لاستكمال مهمة القوات الأميركية بعد أن بات أمر الانسحاب مفروضاً، وإذا لم يحصل في الأيام القريبة سوف يتحقق خلال فترة قصيرة، لأن أميركا لن تستطيع البقاء أكثر من ذلك بعد الخسائر التي تكبدتها، ومرشحة للازدياد.
اليوم تحشد تركيا قواتها في المناطق التي تتواجد فيها الميليشيات المحمية من قبل أميركا، لتسليم هؤلاء لقمة سائغة لكون وجودهم يقلقها، في وقت كانت واشنطن تستخدمهم كأداة ضغط على أنقرة من أجل إعادتها إلى الرتل الأميركي كلما سولت لها نفسها بالخروج منه.
أميركا لاتهمها تركيا ولا العراق أو سورية ولا أي مكون فيها، وجلّ ما يهمها مصلحتها أولاً وأخيراً، والدليل سير عملية الانسحاب بوتيرة منخفضة وتردد منقطع النظير، بما يتلاءم مع ظروفها، لأن عينها على البقاء من ناحية، وبذات الوقت خائفة من نتائجه، أما وجود الجماعات الإرهابية وانتشارها فهو مرتبط برؤية وأولويات الدول الداعمة لهم، وهي من ترى باستمراره أهمية أم لا، وبينما تتبنى أميركا فكرة الاحتفاظ بالإرهاب في مكان ما، فهي نفسها ترى ببقائه العكس، لأنها تريد استخدامه في مكان آخر، كيف لا وقد صرفت عليه الأموال وزودته بالسلاح، ووفرت له معسكرات التدريب.
انسحاب أميركا لن يقتصر على سورية وحسب، إنما سوف يعقبه خروج من العراق ومن أفغانستان، بسبب تلك الخسائر، وما يحصل من اجتماعات ولقاءات أمام و خلف الكواليس يشير إلى هذه الناحية، لكن المسألة تخضع للوقت وترتيب الأولويات.
حدث وتعليق
حسين صقر
huss.202@hotmail.com