دخل اتفاق ادلب في نفق مظلم بسبب التعسف التركي الذي يستمر بتحريك الاوراق الارهابية ووضع خططه على الطاولة الدولية، حيث يعيد رئيس النظام التركي ترتيب أحلامه التوسعية بعد قرار الانسحاب الاميركي الأخير، وهو ما دفع بأدوات واشنطن « الكردية» لتغيير لبوسها والاتجاه للتفاوض مع الدولة السورية بعد أن حرقت امريكا كل الطرق معها وبعد ان كانت الحليف والممول الأول لهم في الشمال.
في نفس الوقت تستمر نيران الخلافات بالاشتعال بين التنظيمات الارهابية التي تدعمها أنقرة في ادلب والتي لم تستطع أن تطفئها برودة العلاقات الغربية والتركية، حيث تقترب هذه الخلافات من أن تقضي على الارهابيين، عندها من سيبقى لتركيا كي تنفذ وتنهي اتفاق ادلب، الذي قد ينتعش قليلاً مع بدء المبعوث الاممي الجديد إلى سورية بمهامه فهو فرد اوراق حقائبه معلناً بدء مرحلة اتفاقات قديمة جديدة لن تشبه ما قبله من المبعوثين.
في تفاصيل جبهة اتفاق ادلب المنتظر تحدثت بعض التسريبات عن اجتماع سري جرى بين ضباط أتراك ومتزعم «النصرة» لإعطاء أوامر لإنهاء أي تواجد لما تسمى «المسلحون خارج النصرة «، وهو ما وجدته هذه التنظيمات طعنة من الخلف لكل التنظيمات الارهابية وتخل تركي، وهو ما يؤكد مجدداً أن الأفعى التركية صاحبة المزاج السياسي المتقلب لن تتهاون في أي شيء ينفذ مصالحها.
هذه التحركات وجدها بعض المحللين تحركات تركية ظاهرية يراد لها خلط الأوراق خاصة أن أنقرة تريد تنفيذ الاتفاق مع روسيا لكنها في الوقت نفسه تريد الاحتفاظ بدعمها للإرهاب، فهي تعلم كل العلم أن «الجولاني» لا يريد تنفيذ بنود الاتفاق وهو نفس المرمى التي تسعى إليه تركيا، كي تجعل لها نفوذاً في المنطقة، خاصة وأن الحرب على مشارف سنواتها الأخيرة، فالإرهاب لن يجد له مكاناً بعد انتصارات الجيش العربي السوري.
في المقابل لا تتوافق تصريحات تركيا مع تحركاتها المشبوهة على الأرض، وعليه سيساعد الاقتتال الداخلي الذي حصل بين التنظيمات الارهابية في ادلب على سرعة التخلص منهم ودحرهم إلى غير رجعة.
وبعد أن حرقت واشنطن الورقة « الكردية» ورمتها لمصير مجهول وفتحت باب المواجهة مع تركيا، قررت « قسد» أن تستفيق متأخرة وتمد جسور التعامل مع الدولة السورية، وهو ما كشف عنه أحد المتزعمين في ما يسمى «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) ريدور خليل عن مفاوضات مع الحكومة السورية حول انتشار الجيش العربي السوري على الحدود مع تركيا.
التايمز: الأكراد يطرقون باب دمشق خوفاً
الاستسلام الكردي وتوجهه إلى طرق أبواب دمشق أكدت عليه صحيفة التايمز، والتي قالت بأن المسؤولين الأمريكيين تعهدوا بمساندة «الأكراد»، حتى في الوقت الذي كان هناك بدء تحالف من تحت الطاولة لتسليم المناطق التي احتلها الأكراد للدولة السورية، عندها قال جون بولتون، مستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي، إن القوات الأمريكية لن تنسحب الا بعد الحصول على ضمانات بشأن سلامة الأكراد من تركيا، التي تصفها الصحيفة بأنها العدو الرئيسي لهم، فمصير هذه المناطق في شرقي سورية أصبح اختبارا رئيسيا للسياسة الخارجية الأمريكية بعد إعلان ترامب الانسحاب الوشيك لقوات بلاده، وفقاً للصحيفة، لكن الانسحاب الأمريكي والذي شكل صدمة كبير للأكراد لم يترك امامهم بابا سوى التوجه إلى دمشق لحمايتهم من المحرقة التركية.
سياسياً بدأت مهمة المبعوث الأممي الجديد الخاص إلى سوريا غير بيدرسون، وذلك مع انتهاء مهمة سلفه ستيفان دي ميستورا الذي أمضى فيها أربع سنوات دون إيجاد حل سياسي للأزمة، ونقلت مصادر مطلعة عن مصادر دبلوماسية أممية في دمشق قولها، إن بيدرسون «دبلوماسي متمرس، ومحايد عمليا، ويمكن أن يقود مهمته بحيادية، بعيداً عن الأجندات المعدة مسبقاً عندها سيصبح طرفاً وليس وسيطاً.
من جهة أخرى يبدو أن ما تسمى « معارضة» لم تتعلم بعد من دروس فشلها وتخلي معظم الدول الداعمة لها عنها ، حيث دعا ما يسمى متزعم الهيئة التفاوضية السورية المدعو ناصر الحريري الدول العربية إلى إعادة النظر في قرارها بشأن استئناف العلاقات مع سورية.
دمشق استعادت موقعها
كل ما سبق شكل انتصاراً كبيراً لسورية وسياساتها التي أثبتت نجاعتها وصوابيتها خاصة مع بدء العودة العربية والدولية إليها، حيث اعتبرت صحيفة «واشنطن بوست» أن العام المنتهي انقضى في صالح دمشق التي استطاعت صد التحديات في خضمّها، مؤكدة أن الآتي أصغر بالنسبة لها بعد أن استعادت موقعها.
وأضافت الصحيفة أن عام 2018 مرّ بشكل ناجح وجيد بالنسبة لدمشق، فبالإضافة إلى انسحاب الجيش الأمريكي من شرقي سورية ، الذي أعلن عنه الرئيس دونالد ترامب، أعلنت عدة دول عربية أنها على استعداد لمصالحة الحكومة السورية، وبدأت عقد مقاطعة سورية بالانفراط.
ولاحظت الصحيفة الأمريكية أن دمشق منذ البداية لم تقع في العزلة المتوقعة، وحتى في أصعب السنوات عندما سيطرت الجماعات المسلحة على مناطق من دمشق.
رصد وتحيل:ريم غانم
التاريخ: الثلاثاء 8-1-2019
الرقم: 16879