تواصل الأمم المتحدة في سورية مهمتها عبر مبعوثها الجديد غير بيدرسون، بعد أن خلف سلفه دي مستورا صاحب السنوات الأربع العجاف في مهمته الأممية الفاشلة، فكانت جعبته فارغة بعد أن ثقبها كلياً عبر زج نفسه كطرف مدافع عن الإرهابيين وفانتازيا ما تسمى معارضة رغم أنهما وجهان لعملة واحدة وبلبوس واحد.
فالمبعوث الجديد يتسلم مهامه وسط جملة من المتغيرات والتطورات التي يبدو أنها قد تكون ثقيلة عليه بفعل «تركة» دي ميستورا المحترقة على الأسوار السورية، وفي توقيت فيه الكثير من الضجيج والاستصراخ الصهيوأميركي الغربي والإرهابي بفعل حالة الإفلاس وخسارة لعبة مكاسرة دمشق ووفق قواعد اشتباك فرضتها دمشق بقوة انتصاراتها وتصميمها على الاستمرار بالمقاومة، وعدم تقديم أي استسلام على الطاولة الدولية التي أخذت تتآكل من كل جوانبها وتتجه الى توازنات جديدة تقلص من هيمنة أميركا ودورها الذي أخذ يتآكل بفعل غطرستها واستغلالها واستثمارها المفرط للقوة وسلاح الإرهاب في العالم.
المهمة انطلقت وإنجازها ليس مستحيلاً إن سارت بمسارها الصحيح حيث مكافحة الإرهاب أولوية دمشق وهو ما على بيدرسون أن يضعه نصب عينيه في حساباته، فمبادئ السيادة السورية ودستورها لا يقبلان القسمة ولا التقسيم، خاصة وأنها تسير في معادلات الربح على أطراف داعمي الإرهاب وانغماسييهم ومرتزقتهم الذين يأكلون بعضهم بعضاً في مشاهد وحقائق تؤكد مدى الصراع الذي يعاني منه الأصيل، ولغة الانحشار في آخر زاوية لهم، كأميركا التي تعيش حالة من الاهتزاز والاهتراء سواء لناحية مواصلة مجازر تحالفها المزعوم بحق المدنيين بدير الزور أو قرار انسحابها، وكرئيس النظام التركي أردوغان الذي يحاول تعويم إرهابييه في الشمال للملمة أوراق أوهامه المتفسخة، دون أن ننسى من باتوا يستجدون مشغليهم لاستمرار الاحتلال ليبرهنوا أنهم في خانة العمالة والشيطنة الدولية يسيرون ضد بلدهم.
سورية تتخلص من مفرزات الحرب الإرهابية بخطواتها المتقدمة على الجبهات سواء عبر مبعوثين أو بدونهم، وعودة الآلاف من المهجرين إلى قراهم ومناطقهم يثبت ذلك، وفي البدء بإعادة ما دمره إرهاب العدوان، أما العودة إليها ممن اسْتَعْدَوا أمنها واستقراها وعروبتها لغة أخرى، وهنا تكمن ضرورة أن يفهم المبعوث ذلك سريعاً، فدمشق أرسلت رسالتها له مسبقاً وأسمعته الحقيقة التي يجب ألا يتجاوز حدودها وألا يخل بالتزاماتها كي لا يكون مصيرها عجيفاً كمن سبقها.. فهل يحل بيدرسون عُقد سلفه وينجح بمهمته.. قريب الأيام يبرهن؟!.
فاتن حسن عادله
التاريخ: الثلاثاء 8-1-2019
الرقم: 16879