(تعزيزُ أمن أميركا في الشرق الأوسط)، هو عنوانٌ لمشروع قانون فشل مجلس الشيوخ الأميركي (أمس الأول الثلاثاء) بالتصويت عليه، وليس بتَمريره، أي أنّ المجلس وبسبب الخلافات الداخلية التي تَعصف بإدارة دونالد ترامب أخفقَ بتحصيل الموافقة على بدء التصويت لاعتماده.
نظامُ التصويت على أي قرار أو قانون بمجلس الشيوخ يَقتضي الحصول على مُوافقة 60 سيناتوراً على الأقل ليَجري بعدها طرح الأمر على التصويت، والشروع فيه. مشروعُ القانون الجديد لم يَحصل سوى على موافقة 56 صوتاً.
مشروعُ القانون الذي يَستهدف ما سُمي تعزيز أمن أميركا بالشرق الأوسط، يُشرعن فرض عقوبات، ويَدعو لاتخاذ إجراءات عقابية مُشددة ضد حلفاء سورية، وقد ذَكَرَ بالاسم روسيا وإيران، وأشار لعدد آخر من الدول لم يُسمها، والذريعة أنها تُقدم المساعدة للحكومة السورية!.
ما علاقة سورية بأمن أميركا الذي يُراد تعزيزه بسن قوانين أقل ما يُقال فيها أنها عدوانية تتعارض مع مبادئ السيادة والعلاقات الدولية فضلاً عن القوانين؟ وما علاقة حلفاء سورية بهذا الأمن المزعوم؟ بل ما تَعريفه؟ ومن يُهدده؟ بل هل هناك تهديدات أعظم من التهديدات الأميركية لأمن الشرق الأوسط والعالم بلا استثناءات؟.
أولاً: سنُّ قانون أميركي ضد حلفاء سورية بذريعة تقديم المساعدة لها يُؤكد حقيقتين، الأولى تأكيد حالة العداء الأميركي لسورية، وأما الثانية فتأكيد الاندفاع الأميركي لتوسيع الحالة إلى حلفاء سورية!.
ثانياً: سنُّ مثل هذا القانون يُثبت بالأدلة رزمة من الوقائع التي تُدين وتَفضح أميركا، منها: أنّ أميركا هي من أنشأ ورعى التنظيمات الإرهابية، وأنها هي من يَشعر بثقل هزيمة هذه التنظيمات الحامل الأساسي للمشروع الأميركي القذر، وأنها هي من يَعبث باستقرار وأمن العالم ودول الشرق الأوسط، بالحروب، بالنهب، بالإرهاب، ودائماً برعاية وحماية كيان الإرهاب الأول إسرائيل.
لماذا تُعادي أميركا سورية وتَستهدفها؟ هل لأنها ترفض الإرهاب وتَنتصر بهذه الأثناء عليه وعلى داعميه؟ هل لأنها تُريد تحرير أرضها من الاحتلال الصهيوني؟ هل لأنها تَنتصر للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة؟ هل لأنها تدعم حق المقاومة ضد الاحتلال في لبنان والعراق وحيث كان؟ وهل لأنها تتمسك باستقلالها وسيادتها ولا تَسمح لذاتها إلا أن تكون مُناهضة لسياسات الهيمنة وداعمة لحركات التحرر العالمية؟.
لهذا كله تَتَخذ أميركا حالة العداء لسورية، وهذا يكفي بقواميس عنجهيتها ربما لتَتَجه إلى شرعنة فرض عقوبات ضد حلفاء سورية الذين يَجتمعون معها على الحق واحترام المبدأ والقانون، وعلى رفض العدوان والاحتلال وسياسات الهيمنة والنهب. وبالتالي فإنّ أميركا تُدين ذاتها بقوانينها التي تَسنها داخل مؤسساتها التي لا تُمارس سوى البلطجة، لكن تحت مُسميات قانونية لا علاقة لها بالقانون إلا من نافذة مُمارسة القهر والإخضاع بالقوّة، أي أنها تضع نفسها خارج منظومة القيم والأخلاق!.
دائماً كانت أميركا هناك خارج منظومة القيم والأخلاق والقوانين، ما يُؤكد ذلك مشروع قانونها الجديد – الذي سيُعاد طرحه على التصويت لاحقاً – ذلك أنّ حلفاء سورية نَعم قدموا لها المساعدة القيّمة لاجتثاث الإرهاب الذي صنعته أميركا، وذلك أنّ حلفاء سورية شاركوها شرف إسقاط مشروع الفتنة والتقسيم والفدرلة الذي يستهدف المنطقة، وليس سورية وحدها، وهو مشروع أميركي صهيوني صرف!.
إذا كان أمنُ أميركا هو ذا، دعامته الإرهاب، ولا يقوم إلا على العدوان، هدفه السيطرة والنهب، وغايته إسرائيل، فَسيَتَحَطّم ويَغدو ركاماً، ولن يَتعزز أبداً، لا بالعقوبات ولا حتى بالغزو، ولا بالحروب التي سنَكسبها نحن أصحاب الحق وحُرّاس القيم.
معاً على الطريق
علي نصر الله
التاريخ: الخميس 10-1-2019
رقم العدد : 16881
التالي