ينشر البعض على مواقع التواصل الاجتماعي أن هناك من يتجسس على صفحاتهم أو المواقع الإخبارية التي يعملون بها، وبالطبع تلك المواقع هي الأكثر مشاهدة ومتابعة.
يمكن تفسير هذه الظاهرة وإرجاعها إلى ماقامت به وزارة الأمن الوطني الداخلي الأميركية ومنذ أقل من عام من استدراج مقاولين في مناقصة إخبارية من أجل رصد حوالي ثلاثمئة ألف موقع إخباري الكتروني ومطبوع ومذاع وصفحات سوشيال ميديا أممية توصف بأنها الأكثر تأثيرا على الرأي العام، مايعني أن أحد سبع الشركات المتخصصة بقضايا التجسس المطلوبة والتي أبدت اهتمامها قد بدأت بالعمل فعلا, وباشرت باختراق كلمات السر التي تستخدمها تلك المنابر الإعلامية لرصد وتحليل محتوياتها وماتحمله من رسائل نفسية وإعلامية وعلى مدار الساعة، ويشمل التجسس رؤساء التحرير والمحررين والمراسلين العاملين في مختلف الوسائل الإعلامية بمختلف الدول واللغات العالمية بما فيها العربية.
ومن خلال رصد كبار صُناع الرأي العام في العالم العربي يمكن للولايات المتحدة الأمريكية إدارة الدفة كما تشاء.. وعلى اعتبار أن الرأي العام العربي في كل القضايا الجوهرية العربية لم يتوافق مع سياسات الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول الغربية حولت أنظارها واتصالاتها المباشرة وغير المباشرة في العديد من بلداننا العربية نحو الأنظمة السياسية – التي أبدت ولاءها – لتعزيز مكاسبها في المنطقة، وحاولت إزاحة الأنظمة التي لم تتوافق مع رؤيتها التخريبية الانتهازية، كما حصل في سورية.
إجراءات البحث حول الرأي العام العربي تؤكد أن مجتمعاتنا العربية لاتزال الحلقة الأقوى في مراكز الأبحاث والدراسات العالمية وتؤكد أننا كشعوب لانزال قادرين على إنجاح مسار التقويم والإصلاح في العالم العربي، وهذا ما يثير تخوف العالم الغربي والأميركي ما يجعله يصر دوما على إيجاد وإبقاء الفجوة كبيرة بين السلطة والشارع العربي.
المضحك المبكي أن دول العالم تقيم حسابا للرأي العام العربي وتخصص له مراكز أبحاث ودراسات وتجسس, وتضع خططها وبرامجها وأجنداتها طبقا لذلك في محاولة إحكام سيطرتها على دول المنطقة، وتجد الأنظمة العربية أبعد ماتكون عن العودة إلى رأي شعوبها في اتخاذ القرارات وصناعة السياسات المختلفة التي من المفترض أن توضع أساسا من أجل تلك الشعوب ولتلك الشعوب… يبقى الرأي العام العربي بشموليته وعمق مايحمله من أسرار وتطلعات الرافد الحقيقي الذي يمدّ التاريخ بمادة التخليد لمن يستحق الخلود عن جدارة.
هناء الدويري
التاريخ: الجمعة 11-1-2019
الرقم: 16882