الملحق الثقافي_ عقبة زيدان :
يقول كانط: «يجب أن تبقى نيتنا الطيبة مثل جوهرة، تبقى براقة بضوئها الخاص كشيء قيمته كلها تكمن فيه». إن لكل فعل قيمته الأخلاقية من حيث المبدأ، ولا تعتمد على تحقيق هدف الفعل.
يناقش كانط ضرورة أن تكمن القيمة الأخلاقية في المبدأ، ويجب أن تكمن فيه ولا يجوز الخلاف هنا. إنه مفهوم الواجب الذي يعده كانط مركز المغامرة الأخلاقية، حتى لو لم يستطع المغامر القيام بواجبه الأخلاقي.
نحن ملزمون أخلاقياً بمساعدة أصدقائنا وأقاربنا المحتاجين، وبهذا نقوم بما يقتضيه الواجب الأخلاقي. ويضيف كانط أنه علينا أن نتصرف وفقاً لما يقتضيه الواجب مع توافر النية والإرادة لفعله، وإذا لم تتوافر فإن الفعل لن يكون أخلاقياً حقاً.
كثيرون يرغبون بفعل ما هو صحيح، إلا أن أنانيتهم تضغط على وعيهم، وتحرفهم عن القيام بالواجب الأخلاقي. وهنا تكون الأنانية حاجزاً لاأخلاقياً في تحقيق الواجب.
هناك جدل قديم حول أخلاقيات الكتابة، وكيف تقوم بواجبها الإنساني. ولكن ما الذي يؤكد بأن هذا العمل أخلاقي؟ من الذي يقدر على رؤية العمل الفني من جوانبه كلها، ومعرفة النية والإرادة التي يتمتع بها صاحبه؟
على المستوى البسيط، توضع أعمال غوستاف فلوبير في خانة الأعمال اللاأخلاقية، أما على المستوى الفني والقيمة الأدبية، فهي أعمال جميلة ولها أهداف سامية. أليست تعرية المجتمع وكشف سوءاته وعيوبه هي قيمة أخلاقية توفرت فيها النية والإرادة من قبل فلوبير؟ وهنا تبدو نسبية نيتشه مناسبة، حين يرفض أية غائية، ويعتبر حالة الخير تتغير حسب نقيضها. وهكذا يفتح أمامنا نيتشه إشكالية حول الأخلاق وقيمها وغائيتها.
الفن لا يمكن أن يُقاس أخلاقياً من وجهة نظر اجتماعية، بل بما يقدمه من كشف للحقيقة وحافز للتغيير المستقبلي.
التاريخ: الثلاثاء 15-1-2019
رقم العدد : 16885