لتكوين مجتمع سليم لابد من تكوين الخلية الأولى وهي الأسرة على أسس صحيحة وقوية , ومن أجل ذلك يجب أن يكون الزواج كخطوة أولى في بناء المجتمع مبنياً على أولويات رأسها الحب والتفاهم والانسجام , ومع هذا فلابد أن يكون للعادات والتقاليد الدور الأكبر في إتمام مثل هذه الزيجات ولكن للأسف يكون سلبيا في بعضها,ولاسيما في بعض البيئات حيث لا يقيمون وزنا لرأي الفتاة على أنها أعلم بمصلحتها فهي برأيهم ضلع قاصر والأمثلة الواقعية كثيرة فهاهي عائدة من مدينة الرقة السورية أسوأ لحظات مرت في حياتها، أن تستعد للزواج من ابن عمها فهي لا تحبه بل تتمنى الموت بدلا من إجبارها على الزواج منه. وغيرها الكثيرات ممن يعشن ظروف الاجبار والخضوع للعادات والتقاليد في بعض المناطق والأرياف السورية ولاسيما الشرقية منها.
هي أمثلة عن هذا النوع من الزواج والذي أشارت إليه «أم بلال» التي أخذت تشرح في إحدى جلسات التوعية معاناة تهجيرها من بيتها كما الآلاف من الأسر السورية وقد أتت إلى منطقة صحنايا وتركت خلفها بيت العمر بعد تعرضه للإرهاب , في محافظة دير الزور اثر الحصار الذي فرض عليهم من قبل المجموعات الإرهابية واستمر مدة ثلاث سنوات ذاقت أسرتها الأمرين , وتكلمت عن عادة إجبار بعض البنات من القرى المجاورة في الزواج من أبناء عمومتهن بأنها كانت منتشرة في الريف منذ القديم, ولكن الآن ونتيجة انتشار العلم والتعليم والوحدات الإرشادية في اغلب الريف خفت هذه الظاهرة حتى أصبحت نادرة الحدوث.
وأثنت أم بلال وغيرها من السيدات اللواتي يحاولن الاستفادة من برامج التوعية التي تقام في المراكز الثقافية والاجتماعية من ندوات وأنشطة وتدريب ليعرف بالنتائج السلبية للزواج القسري وزواج الصغيرات التي تلقي بظلالها على المجتمع عامة والمرأة خاصة.
وفي هذا الاطار أوضحت مسؤولة رصد الحالات في احدى المساحات الآمنة غصون منصور أهمية أن يبنى الزواج على أسس سليمة وأنه عبارة عن شركة بين اثنين تقوم على التفاهم والحب والانسجام. ومن بعض آراء السيدات ركزت بأن الزواج هو الاستقرار والملاذ الآمن للفتاة ولكن في بعض الحالات يصبح مصدرا للمشاكل والقلق وسببا للمتاعب خلال مسيرة الحياة الزوجية ولذلك فقد تحدثت مديرة الحالة عن اجبار بعض الأسر على تزويج بناتهن وربطهن مع أشخاص غير مرغوب فيهم و ليس لديهن معرفة كافية فيه. وانتشر هذا النوع من الزواج في بعض المحافظات السورية ولاسيما الشرقية والشمالية الشرقية فأغلب هذه الزيجات تخضع للعادات والتقاليد التي لها آثار نفسية مدمرة أهمها حرمانها من حرية الاختيار..
اختيار شريك حياتها والتي تنتهي غالبيتها نهاية مأساوية بأبغض الحلال وهو الطلاق وفي أقل الاعتبارات تعاسة على مدى الحياة فتقول سيدة بعد عرض تجربة إحدى أقربائها , إن مثل هذه الزيجات هو موضوع خطير لأنه يحرم الفتاة من حق اختيار شريك حياتها بمفردها.
ومع انتشار العلم والتعليم أصبح هذا النوع اقل انتشارا إلا انه عاود الظهور في ظل الأزمة ,التي ساهمت بشكل واضح في انتشاره بالإضافة إلى عدم توعية الأمهات بشكل عام لبناتهن حول مسؤوليات الزواج وعدم توضيح الأساليب والتصرفات الصحيحة في التعامل مع الحياة والتي تحتاج للتمييز بين أخطائها وأخطائه وإيجاد صيغة صحيحة بينهما, فالصمت أو السكوت هو من الأفعال السلبية التي تساعد على تفاقم المشكلة , فعلى المرأة أن تملك القوة والوعي والمحبة لمواجهة مشكلاتها بنفسها»وتوضح منصور» إن الزواج القسري هو أحد أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي , وهو منتشر في بعض المحافظات السورية وعلى الرغم من وجود قوانين للزواج إلا انها قاصرة عن الحد من هذه الظاهرة، فالتوعية الاجتماعية تعتبر الأساس في حماية الفتاة من هكذا زيجات ولابد من إيجاد الحلول المناسبة من خلال الإكثار من جلسات التوعية التي تقام في المراكز المتخصصة وليكون الشعار الذي نرفعه دائما (امرأة قوية.. مجتمع قوي).
فاطمة حسين
التاريخ: الأربعاء 16-1-2019
رقم العدد : 16886