يتفرد راعيا الإرهاب الأميركي والتركي اليوم بإدارة دفة العدوان على سورية، تحت غطاء المناكفات الهزلية، لإبعاد الشبهة عن تعاونهما المثقل بالتنسيق المتبادل حول كل تفصيل في حيثيات السيناريو العدواني الجديد، حيث يتبادل الجانبان الاتهامات المغلفة بالتهديد والوعيد، وفي نفس الوقت يحيكان خيوط مخطط عدواني جديد، بنفس الأدوات الإرهابية من داعش والنصرة وغيرها من تنظيمات التكفير الوهابي والعثماني.
أردوغان وترامب لم يكتفيا بتمكين إرهابيي النصرة من الاستيلاء على كامل المنطقة المتفق عليها ضمن إطار اتفاق سوتشي بشأن ادلب، لمحاولة تعويمهم «كمعارضة معتدلة» لاحقا، وإنما يجهدان لتأمين منطقة «عازلة» لإيواء إرهابيي داعش شرق الفرات ، تحت عنوان حماية ميليشيات الانفصال، ومنع التصعيد بينهم وبين قوات الاحتلال التركي، وهذا ما اتفق عليه الجانبان، بعد بضع ساعات من تهديد ترامب للنظام التركي بحرب اقتصادية مدمرة، ما يدل على أن الخلافات الشكلية التي يروج لها الطرفان، لا تمنعهما من اللهاث سويا لتحقيق مشروعهما الإرهابي المشترك، بما يتناسب مع أطماعهما الاستعمارية.
نظام أردوغان بات يجاهر علنا بتلك الأطماع، وبات أكثر استعدادا للتنصل من كل التفاهمات السابقة، سواء في إطار آستنة، أو سوتشي، وما تبجح به وزير داخليته لجهة ادعائه الفج بأن بعض الأراضي في ادلب وحلب والحسكة ليست سورية، تكشف عمق الغريزة اللصوصية التي ترتكز عليها سياسة ذاك النظام الواهم بأن محاولة تزوير التاريخ والجغرافيا تمنحه الفرصة لإعادة امبراطوريته البائدة، كذلك الأمر بالنسبة لترامب الواهم باقتطاع أجزاء من الأراضي السورية لتكون محمية إرهابية لإيواء دواعشه، كورقة ضغط وابتزاز يفردها على طاولة الحل السياسي، لتثبيت تموضعه في سورية بهدف محاولة منع التواصل بين دول محور المقاومة لحماية أمن الكيان الصهيوني المتوجس من انتهاء الحرب الإرهابية على سورية.
مع بدء المبعوث الأممي الجديد غير بيدرسون تدشين مرحلة جديدة في سياق إيجاد حل سياسي، ونرجو أن تكون جهوده بهذا الشأن مختلفة عن سابقيه ، يعمد جناحا الإرهاب الأميركي والتركي لتجريب رصاصتهما الأخيرة، التي يريدانها قاتلة لكل جهود الحل السياسي، فيتوهمان إمكانية استنساخ أوهامهما مجددا، ولكنهما سيسلمان قريبا بواقع هزيمة مخططهما الجديد كغيره من مشاريعهما التقسيمية السابقة التي أجهضها الجيش العربي السوري مع كل انتصار جديد على مرتزقتهما في الميدان.
ناصر منذر
التاريخ: الأربعاء 16-1-2019
رقم العدد : 16886