قال آل كلارك، أحد مؤسسي الشركة: «إن أسامة بن لادن هو الذي جعل بلاك ووتر ما هي عليه اليوم» أي إن الذرائع جاهزة وهي محاربة الإرهاب الذي صنعته اميركا أصلاً، وقد حاول كثيرون كشف اللثام عن منظمة بلاك ودورها في المجازر التي ارتكبتها الولايات المتحدة الأميركية في حربها على العراق من دون مساءلة قانونية أو خضوع لأي محاسبة، أو تقيد بمعاهدات دولية، كذلك يبرز دور الساسة الأميركيين و»البنتاغون» في جعل المقاولين الخاصين والمرتزقة السريين جزءًا لا يتجزأ من تركيبة الجيش الأميركي، وعملياته في حروبه المتعددة بعد ذلك، ففي مراجعة الأعوام الأربعة الأولى للبنتاغون في عام 2006 من حملتها ضد الإرهاب، أوجز وزير الدفاع الاميركي الأسبق دونالد رامسيفلد ما سماه خريطة طريق التغييرفي وزارة الدفاع.
فالعراق واحد من مجالات نشاطها الرئيسية، إذ عمل حوالي 137،000 مدني في الجيش الأميركي في العراق، بما في ذلك 7،300 من حراس الأمن. إجمالاً، وفقاً لبيتر سينغر، وهو خبير في مؤسسة بروكينغز، فإن ما بين 20.000 و48.000 شخص سوف يشاركون في عمليات تكتيكية في البلاد. أكثر من القوات المشتركة للبلدان الحليفة في الولايات المتحدة.
ومعروف أن نشاط المرتزقة لا يخلو من المخاطر حيث إن حوالي 1000 منهم قد ماتوا في العراق منذ بداية الاحتلال الاميركي. وتقول بلاك ووتر إنها تدفع لمقاوليها بين 450 و 650 دولارًا في اليوم.
فليس من المستغرب، إذاً، أن تصبح بلاك ووتر واحدة من البدائل الرئيسية للجيش الأميركي، لأول مرة في أفغانستان عام 2001، ثم في العراق من عام 2003. هذه المرة، لم تعد فقط لتنظيم التدريب على إطلاق النار أو التدخل في المناطق الحضرية، ولكن لإنشاء جيش خاص مسؤول عن حماية الشخصيات الأميركية – مثل بول بريمر، القنصل الأميركي في بغداد – والمنشآت الحساسة، مثل آبار النفط العراقية.
أزيل الستار عن نشاط «بلاك ووتر» لأول مرة في العراق عندما أعلن في آذار 2004 عن مقتل أربعة جنود تابعين لهذه الشركة على يد رجال المقاومة العراقية في الفلوجة على إثرها قامت القوات الأميركية بمحاصرة الفلوجة وقتل ما يزيد عن مئة ألف عراقي و تهجيرالاف آخرين من أبناء الفلوجة، وبعد ذلك توالت الأنباء عن مقتل وإصابة مرتزقة من هذه الشركة ففي نيسان 2005 قتل خمسة منهم بإسقاط مروحيتهم وفي 2007 قتل خمسة اخرين في عملية نجحت في إسقاط مروحيتهم .
في بغداد 17أيلول 2007، ارتكبت هذه الشركة أفظع جرائمها على الاطلاق في حق المدنيين العراقيين، حيث تورط الكثير من عناصرها في المسؤولية عن الكثير من الانتهاكات والفظائع التي تمت في العراق ومنها معركة الفلوجة و مذبحة «ساحة النسور»حيث قام مرتزقة من الشركة بإطلاق النار عشوائياً في «ساحة النسور» ببغداد مما أدى الى مقتل 17 عراقيا وجرح اخرين، وتقول الشركة ان هذا الحادث كان ردا على هجوم تعرض له موكبها في حين تنفي المصادر الاخرى هذا الادعاء وتؤكد أن إطلاق النار كان عشوائيا ودون سبب.
على أثر هذا الحادث طالبت الحكومة العراقية الشركة بوقف جميع أعمالها ومغادرة العراق باستثناء المتورطين في الحادث ليتم محاسبتهم. وتم تغيير الطلب بعد ذلك إلى تعويض قيمته 8 ملايين دولارعن كل قتيل، وحدث أكثر من حادث مأساوي ارتكبته بلاك ووتر في العراق، هذا غير تجاوزات أخرى سببها الاتجار غير المشروع بالأسلحة التي قامت بها مرتزقة بلاك ووتر، واضطر إيريك برنس لمغادرة الإدارة التنفيذية للشركة واضطرت الحكومة العراقية في البداية لإنهاء اعتمادها للشركة.وقال رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي: «يجب معاقبة هذا المشروع» لكن المتحدث باسم الحكومة قال لاحقاً إن اللجنة الأميركية العراقية التي أقيمت لتحسين إجراءات أمن أفراد القوات الأميركية في العراق ستحاول التوصل إلى حل وسط للسماح لشركة بلاك ووتر بالاستمرار في العمل.
وفي التفاصيل إنه في 2 تشرين الأول 2007 تم الاستماع إلى إريك برنس كرئيس تنفيذي لشركة بلاك «ووتر كوربوريشن» أمام الكونغرس الأميركي، كواحدة من الشركات العسكرية الخاصة العاملة في العراق، والمتورطة في إطلاق نار في بغداد أسفر عن مقتل عشرة أشخاص، بينهم تسعة مدنيين، والذي استفزّ غضب السلطات العراقية.
وقد ناظر ثلاث ساعات لتقديم روايته عن الحقائق في العراق والدفاع عن رجاله المتورطين في إطلاق النار في بغداد في 16 أيلول ومقتل 17 مدنياً عراقياً وإصابة عشرين آخرين بجروح في مذابح متورط فيها «الجنود الخاصون» في بلاك ووتر، وتطرق إلى مسار الشركة منذ وصولها إلى العراق في عام 2003. «إن المدنيين الذين تم إطلاق النار عليهم هم في الواقع أعداء مسلحون ولا يقل عن 168 جريمة وجرائم خطيرة ارتكبت في العراق فكان إطلاق النار في بغداد هو فضيحة كبرى، وقد أعلنت الحكومة العراقية أنها لن تجدد تصريح شركة بلاك ووتر للعمل على أراضيها.
ومن جانبه أشار «خوسيه برادو» رئيس مجموعة العمل في الأمم المتحدة لشؤون المرتزقة في التقرير الذي أعده في بأن المرتزقة في العراق كانوا يشكلون القوة العسكرية الثانية بعد القوات الأميركية حيث فاق عددهم عناصر القوات البريطانية إبان الاحتلال الغربي للعراق.
وأشار إلى أنه هناك أكثر من 160 شركة من هذا النوع تعمل في العراق، ويقدر عدد المرتزقة التابعين لهذه الشركات في العراق نحو 40 ألف مرتزق، غالبيتهم من عناصر شرطة وعسكريين سابقين يتم تجنيدهم من الفلبين وجنوب أفريقيا وبعض دول أميركا اللاتينية مثل بيرو والاكوادور.
فمع انتشار الفكرة التي تبناها الكيان الصهيوني حول ما يسمى السياحة العسكرية والتي انتقلت إلى العديد من الدول فيما بعد ظهرت شركات متخصصة في هذا المجال من شأنها تدريب المدنيين تدريبا يقارب إلى حد كبير تلك التدريبات التي تتلقاها الجيوش النظامية من أجل خلق جيل جديد من المرتزقة يعملون كأداة للقتل والتخريب ونشر الفتن والنزاعات في المجتمعات المختلفة، وطبعاً كل الجماعات الإرهابية التي ظهرت فيما يسمى الربيع العربي هي تلقت تدريبات في شركات المرتزقة وخاصة شركة بلاك ووتر التي تنشط الآن في أماكن أخرى في العالم، حيث تعد المنظمة الأخطر والأكثر سرية في تنقلها بين البلدان العربية وتخوض حروباً طاحنة بدأت بالعراق و سورية إلى جانب الإرهابيين ثم في اليمن ومصر والإمارات والسعودية لحماية الأسر الحاكمة، وهي لم تستثن البلاد الأوروبية والاسلامية وتقوم بكل بلد بمهمة مختلفة وهي من الشركات التي لها باع كبير في هذا المجال على الصعيد الدولي، والتي ذاع صيتها في العديد من المناطق الملتهبة والتي تحتوي على نزاعات سواء داخل الولايات المتحدة أم خارجها (خاصة ما يسمى بالحرب على الإرهاب).
وتمثل بلاك ووتر نموذجا لصعود جيوش المرتزقة القوية، التي تتراوح من القوات المدرعة المتعطشة للدم كالتي قادت العمليات العسكرية في الفلوجة، إلى القتلة الأفراد الذين ينفذون الاغتيالات الخاصة على سطوح المنازل كما في النجف أم خلال التظاهرات فيما سمي (ثورات عربية) او الربيع العربي، وكشفت صحف أميركية عن إبرام الشركة لعقود من أجل العمل في عدد من الدول العربية، مثل التعاقد مع حكومة التمرد في الجنوب السوداني والتي كانت تسعى لفصل الجنوب عن الشمال وبالفعل تم إعلان الاستقلال، حيث كانت من مهام الشركة تدريب سودانيين جنوبيين، كما أشارت التقارير عن دور تلعبه الإدارة الأميركية لإسناد مهمات للشركة في إقليم دارفور غرب السودان تمهيدا لانفصاله.
ويقدم مركز تدريب بلاك ووتر برامج التدريب التكتيكي والتدريب على الأسلحة للجيش، والحكومة، وقوات حفظ النظام. كذلك يقدم المركز عدة برامج تدريبية بدءاً من القتال بالسلاح الأبيض إلى برامج التدريب على القنص. فضلا عن ذلك، يمكن لأي أحد التسجيل لدى بلاك ووتر أكاديمي، حيث يجري تدريب المتقدمين، بشرط قدرتهم على استيفاء الشروط الصعبة التي تتناول خلفياتهم الاجتماعية والتدقيق في السجلات الإجرامية، واختبار البنية الفيزيولوجية، واختبار الفحص النفسي. وقد تقوم «بلاك ووتر» بالطلب من المتقدمين بالتوقيع على عقد يجعلهم في خدمة الشركة حصرياً، على حين تجاوزت العقود التي أبرمتها حكومة الولايات المتحدة مع الشركة حاجز الـ 500 مليون دولار، نجحت الشركة في بناء قاعدة لجيش من المرتزقة في العراق يضم ما يقارب 20 ألف شخص مزودين بأسلحة لا يستخدمها إلا الجيش الأميركي من مدرعات وطائرات بوينج 727 وأسطول من طائرات الهليكوبتر المقاتلة التي تحلق يوميا في سماء بغداد حاملة هؤلاء المرتزقة.
وكشف العديد من الكتاب والباحثين الأميركيين العلاقة التي تربط شركة «بلاك ووتر» ومنظمة «فرسان مالطا السرية» المنشقة عن فرسان المعبد حيث أشارت العديد من الصحف الأميركية أن منظمة «فرسان مالطا» تقوم بتزويد شركة «بلاك ووتر» وغيرها من شركات المرتزقة الدولية بمجندين ليقاتلوا في الأماكن الخطرة خاصة مناطق الحروب على الدول العربية التي يتردد جندي الجيش الاميركي والأطلسي النظامي في دخولها لخطورتها العالية وشجاعة أهلها واستبسالهم في الدفاع عنها.
الثورة -رصد وتحليل
التاريخ: الأربعاء 23-1-2019
رقم العدد : 16892