تتقاسم منظومة العدوان أدوار التصعيد، لفرض واقع جديد تثبت من خلاله حضورها العدواني للتأثير في مسار مجريات الأحداث، بما يتوافق مع أجنداتها المعلنة وغير المعلنة، الرامية لإطالة أمد الأزمة، وتعطيل أي جهد دولي يهدف لإيجاد حل سياسي يؤدي إلى القضاء على الإرهاب، وإنهاء التواجد الأجنبي غير المشروع على كامل الأراضي السورية.
ثالوث العدوان الأميركي والصهيوني والتركي، يتصدر اليوم مشهد السعار المحموم لرعاة الإرهاب، والتي يترجمها العدو الإسرائيلي بسلسلة اعتداءات متكررة، لا تنفصل في سياقها عن المجازر التي يرتكبها «التحالف الأميركي» بحق المدنيين، ولا عن الجرائم التي يرتكبها نظام أردوغان ومرتزقته، فجميعها تنتهج ذات الأساليب الإرهابية، وتصب في خانة الحفاظ على ما تبقى من تنظيمات إرهابية، ومد يد العون لها، لتكون مستقبلاً في مأمن عن ضربات الجيش العربي السوري، بما يتيح لمنظومة العدوان تمديد فترة صلاحيتها ومنحها فرصة أخرى تستكمل من خلالها تنفيذ الأجندة الأميركية والصهيونية والتركية المشتركة.
إسرائيل الساعية لإحداث خرق في المعادلات الميدانية التي فرضها الجيش العربي السوري، تستمد ديمومة عربدتها من الغطاء السياسي والعسكري الذي توفره لها إدارة ترامب، وكذلك من الحصانة التي يمنحها إياها مجلس الأمن الدولي عبر صمته المطبق عما ترتكبه من إرهاب دولة منظم، مفصل على مقاس التعليمات والأوامر الأميركية، التي تتيح لترامب توسيع هامش المراوغة بقرار انسحاب قواته المحتلة الذي بات يرتبط بالإضافة إلى القضاء على داعش، بضمان ما وصفه جون بولتون «الدفاع عن أمن إسرائيل»، وهذا ما يفسر الروايات الكاذبة التي يطلقها الكيان الصهيوني بعد كل عدوان على الأراضي السورية.
نظام أردوغان يتكامل دوره مع الدور الإسرائيلي، لجهة التنفيذ العملي للمشروع الأميركي، حيث يصعد الصهيوني في الجنوب، والعثماني يكاد يستنفد جعبه العدوانية لتثبيت احتلاله في الشمال، فجعل من تكفيريي النصرة ذراعه الإرهابية، ويعيد هيكلتهم اليوم لاستنساخ واجهة سياسية تتحدث بلسانه في أي مبادرات تسوية قادمة، ويرمي نفسه في مصيدة «المنطقة العازلة» المزعومة» التي نصبها ترامب، لدفع النظام التركي لاحقا نحو المواجهة المباشرة مع الجيش العربي السوري ومحور المقاومة، لجعل تلك المنطقة مسرح حرب جديدة، يستثمر الأميركي مجدداً من تبعاتها، وهو المعروف عنه بالتخلي عن أدواته «بومضة عين» عندما تقتضي مصلحته ذلك.
رعاة الإرهاب يلعبون ورقتهم الأخيرة اليوم، للحفاظ على مرتزقتهم والاستثمار في جرائمهم، باعتبارهم أوراقاً تفاوضية لا يمكن الاستغناء عنها، والتفجير الإرهابي الذي استهدف اللاذقية، جزء من الاستثمار الأميركي، ولكن كما فشلت تلك المنظومة بكل رهاناتها السابقة، ستفشل مجدداً، وصمود السوريين، وبطولات جيشهم كفيل على ذلك.
ناصر منذر
التاريخ: الأربعاء 23-1-2019
رقم العدد : 16892