على ما يبدو ترسخت القناعة عند الكثيرين من كتابنا ومفكرينا أن النزعة الانسانية التي توشي الأدب, اصبحت في الادب الغربي من الماضي, وما جاءنا من تهويمات في القرن العشرين لاسيما نهاياته, ليست إلا غزوا منظما للفكر والثقافة والادب, فكان لابد من ترسيخ الاتجاه شرقا نحو منابع النزعات الانسانية النقية والشفافة, نحو بلاد الشمس والعطاء والاساطير, من الهند الى الصين, إلى كل بقعة يمكن ان تعيد للانسان ألقه, فكان العمل على ترجمات متعددة تحدثنا عن بعضها خلال الشهر الماضي, واليوم نعيد الحديث عن جديد قدمته الهيئة العامة السورية للكتاب, على التوازي مع ماصدر في مصر, وجاء ضمن الاحتفالية التي تقام بمناسبة اليوبيل الذهبي لمعرض القاهرة للكتاب.
مختارات من الشعر الصيني
شجرة تحلم بالطيران عنوان صدر عن الهيئة العامة السورية للكتاب, وهو من ترجمة جهاد عارف الاحمدية, وتأليف مجموعة من الشعراء الصينيين, يقول المترجم: هذا عنوان اختاره الشاعر الصيني (يي يانيين) للمقدمة التي يتحدث فيها عن نفسه, لفتني هذا العنوان فاخترته اسما لكتابي, هذا الذي ضمنته مختارات من الشعر الصيني, ويضيف المترجم: حيث إن الشعر هو ميداني الأرحب فقد آثرت ترجمته على غيره من المواد الأدبية المنشورة في اعداد المجلة, وكان أكثرها استحوذ على اهتمامي, الكتاب يتضمن خمسة ملفات تقدم مختارات من الشعر الصيني المهم, ويقع الكتاب في 224 صفحة من القطع المتوسط, هذا في سورية,وقد تحدثت أخبار الادب المصرية عن ترجمات مهمة ومختارات من التراث الشعبي الصيني, إذ تقول أخبار الادب:
صدر عن مؤسسة بيت الحكمة للصناعات الثقافية بالتعاون مع دار نشر الشعب التعليمية بالصين، وفي إطار مشاركتها بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الخمسين، سلسلة (كنوز الأدب الشعبي الصيني)، وهي سلسلة أدبية للقصص والحكايات التراثية الصينية، وتضم أربعة إصدارات هي (الحكايات الشعبية الصينية)، و(الحكايات الأسطورية الصينية)، و(الحكايات التراثية الصينية)، و(الحكايات الخرافية الصينية) وتحتل هذه السلسلة الأدبية، مكانًا مهما في حياة المجتمع الصيني، فضلًا عن أنها بمثابة مفتاح للتعرف على الشخصية الصينية وفهمها، وهي بوابة شائقة لدخول عالم أدب الأساطير والحكي الشعبي في الصين، لاسيّما أن الأسلوب الفصيح والسرد الشيق، والخيال التصويري الرائع يضع القراء من كل الأعمار في عوالم الأدب الشعبي الصيني القديم, وقد جمع وحرر هذه السلسلة شيانغ يون جيوي وترجمها عن الصينية كل من، د.داليا طنطاوي، وآية عبد الله، وعصام إيدام. وراجعها د.أحمد ظريف وسوه شاو هوا وأحمد السعيد، وأشرف على تحريرها عمرو مغيث.
وسلسلة (كنوز الأدب الشعبي الصيني) تجسد شخصية الشعب الصيني وموروثة الحضاري والتاريخي والفكري،حيث أصبح أبطال الكتب الأربعة علامة بطولية تراثية في قلوب الأجيال المتعاقبة والتي ترسخ مجموعة من القيم والمبادئ، حيث تعزز هذه الحكايات الخيالية وأبطالها قيم الشهامة والصدق والشجاعة والدهاء والفطنة والعدل وعمل الخير وغيرها، وذلك عبر أسلوب سردي شيق، يشتمل علي عناصر مازالت تتوافق مع فكر ووجدان المتلقي في عصرنا الحديث.
يشمل كتاب (الحكايات الشعبية الصينية) الكثير من الحكم والمبادئ التي ترسخ للأخلاق الطيبة، ويحوي كتاب (الحكايات الأسطورية الصينية) الكثير من الغرائب المليئة بالخيال والمبالغات والخوارق، أما (الحكايات التراثية الصينية) فيعزز المشاعر الإنسانية والعلاقات بين الأفراد وما حولهم من الطبيعة عبر القصص التي تشبه حكايات الأجداد التراثية القديمة، أما كتاب (الحكايات الخرافية الصينية) فتبعث حكاياته على الحس والتأمل في العلاقة بين الحيوانات والجماد، بل بين الإنسان والحيوان، حيث تقوم حكاياته على حوار بين الحيوانات في إطار أدبي أشبه بقصص (كليلة ودمنة) الشهيرة. والكتب الأربعة تعكس بشكل كبير تشابه المفاهيم الكلاسيكية للقيم الأخلاقية لكل الشعوب وتعبر بشكل واضح عن جوهرها وتعد نقطة التقاء تتجمع فيها الشعوب في إطار أدبي شيق.
وسلسلة (كنوز الأدب الشعبي الصيني) التي تحوي الكثير من الحكايات الشعبية الصينية التقليدية، تعد موروثا حضاريا فريدا وجزءاً مهما من الثقافة الصينية التقليدية، وهي بمثابة بوابة دخول إلي فهم الحضارة الصينية العريقة، ومعايشة أغوار الفلسفة الصينية الكلاسيكية والوقوف على مناطق التشابه بين الحضارة المصرية والصينية تراثيا، فهي أدب شعبي وملهاة فريدة ابتدعها الصينيون في شكل رسائل متجددة تحمل أشكالا وسمات مختلفة تربط بين الماضي والحاضر وتتنقل بشكل حي من جيل إلى آخر، وتتطور على مر العصور.
يضاف إلى ما سبق ما اشرنا إليه, وصدر عن دور نشر خاصة بدمشق, وكان لافتا التوقف عند ترجمة الادب الصيني لفترة من الزمن, ولكن هذه العودة تبشر بالخير, نأمل أن تستمر, ان تكون ثمة خطة واضحة المعالم لئلا يقع التضارب في الترجمات.
Yomn.abbas@gmail.com
يمن سليمان عباس
التاريخ: الجمعة 1-2-2019
الرقم: 16899