حسناً فعلت الحكومة بتوجيهها الجمارك لرفع وتيرة أدائها، والنهوض بمسؤولياتها المفترضة في مكافحة التهريب الذي استمر خلال سنوات الأزمة كإعصار لا يبقي ولا يذر من فرصة للمنتج الوطني في التطور عبر الانتشار في وطنه ذاته..
وحسناً فعلت الحكومة بتولي هذا الملف، حتى لا يكون بين يدي جهة واحدة لكون المسألة أكبر من جهة واحدة أياً كانت، فالخطر هذه المرة ليس تجاه المنتج الوطني، بل تجاه صحة المواطنين وأبنائهم حتى لا نصل إلى مرحلة يقضي فيها بالمنتج الغذائي الفاسد، من لم يقض بقذيفة الإرهاب الحاقد ومفخخته..
ذلك كله جميل وضروري، والكل متراصون هذه المرة تجاه ما يخطط لصحة المواطن، ولكن هل يكفي ذلك..!! أم أن الأمر يستلزم حملة مشابهة لحماية دخل المواطن، وإقناعه باللجوء إلى المنتج الوطني بدل المهرب الفاسد نظراً لانخفاض سعره، وهي الناحية التي يبحث عنها المواطن بفعل الأزمة وتدني قدرته الشرائية..!!
حملة مكافحة الغذائيات والاستهلاكيات المهربة من الأعداء ضرورية، ولكن لا بد وبالتوازي معها من إطلاق حملة وبرعاية حكومية أيضاً لمكافحة جشع التجار وكثير من الباعة، فنشرات الأسعار لا تعدو كونها ناحية تجميلية لا يلتزم بها حتى كثير من مراقبي التموين في الأسواق، ودليل ذلك حجم الأرباح لدى الكثير من الباعة، لدرجة بات معها البائع ومن خلفه التاجر أكثر جرأة في تحدي أي محاولة من المواطن للنقاش، أو حتى التهديد بالأجهزة التنفيذية المعنية..
لا بد من استقطاب المواطن حتى يرفض من تلقاء نفسه كل منتج مهرب أو غريب تمكن لسبب أو لآخر من التسلل إلى أسواقنا، وفي ذلك فائدة عظيمة تفوق في مفاعيلها حملة مكافحة التهريب ذاتها، فمنتج وطني متوسط الجودة مقبول السعر، لهو أهم لدى المواطن وأكثر وداً في نفسه من منتج منخفض السعر غريب عنه..
المواطن حجر زاوية في كل المشاريع والإجراءات العامة، وبإقباله يكون النجاح حليف أي حملة أو إجراء، وبإدباره أو عدم اقتناعه انخفاض خطير في معدل النجاح وارتفاع قياسي في معدل المخاطرة بنجاح الأمر، وعليه فلتكن حملة لإلزام غير الملتزم بما قسم الله من ربح معقول ولو كان اسمها حملة مكافحة الجشع..
الكنـــــز
مازن جلال خيربك
التاريخ: الأحد 17-2-2019
رقم العدد : 16911

السابق
التالي