استحضاراً لمَسرحية مَقتل ابن لادن التي أخرجها باراك أوباما، وعلى مبدأ هوليود، ولأنه يبدو أكثر حاجة من أوباما لمسرحية تُظهر انتصاره الوهمي على داعش الذراع الإرهابية الأميركية، يبدو دونالد ترامب بصدد الإعداد المُتأني لخطاب قال ليل الجمعة الماضية إنه سيُلقيه خلال 24 ساعة قادمة، ومن المُتوقع بين لحظة وأخرى أن يَصدع الرؤوس في العالم بما سيتضمنه من أكاذيب وفبركات، وقد تَأخر ربما لإحكامها!.
أيار 2011 كان أوباما بحاجة لأيّ إنجاز مَهمَا كان وهمياً أو مَكشوفاً لعبور استحقاقات داخلية، ولضمان انتخابه لولاية ثانية، وقد تمّ على عَجَل إعداد مسرحية ادّعاء النجاح بتحديد مكان إقامة ابن لادن، والنجاح باستهدافه وتصفيته، ودفنه في البحر لإقفال أي احتمالات تّذهب للتشكيك أو الاستثمار بالاتجاه المُعاكس!.
لا شك أن مشكلات أخرى كانت تُواجه أوباما، التف على بعضها، وتجاوز بعضها الآخر بتنازل هنا ومناورة هناك، وتَحقق هدفه. فهل يبدو ترامب في حالة مشابهة؟ أم إنه يُواجه من الأزمات والمشكلات أضعاف ما كان قائماً بحالة أوباما، وبالتالي تبدو حالته أكثر تعقيداً من أن تَنتشله حبكةٌ مُحكمة بإخراج مسرحية الإعلان عن مقتل أو اعتقال البغدادي زعيم تنظيم داعش الإرهابي، لطيّ صفحته بإعلان الانتصار الوهمي على التنظيم الذي اعترفت هيلاري كلينتون بإنشاء بلادها له وتوظيفه واستثماره؟!.
لا تبدو خيارات ترامب كثيرة، ولذلك فلا بد له من استحضار مسرحية ابن لادن عَلّها تَخطف الضوء أو تَحرف الأنظار عن أزماته الأخرى المُتفجرة بوجهه في الداخل والخارج، استقالاتٌ وإقالات غير مسبوقة – إغلاقٌ حكومي جزئي – إعلانُ حالة الطوارئ – انتخاباتٌ نصفية على الأبواب – انقساماتٌ حتى داخل حزبه – مشكلاتٌ مع الخليج وأخرى مع تركيا – أزماتٌ كبرى مع روسيا والصين – خلافاتٌ جوهرية مع الحلفاء في القارة العجوز – ارتباكٌ وعجز بالتعاطي مع كوريا فنزويلا كوبا المكسيك وكندا…
بات من الثابت أن إدارة ترامب – بعد قرار الانسحاب – تُعد لسلسلة أكاذيب ومسرحيات مملوءة بالفبركات لتَحفظ بالوهم ماء وجهها، ولتُحقق غايات شيطانية أقلُّها ضمان النجاح بانتخابات التجديد النصفية والتملص من الاعتراف بالهزيمة في سورية، وإنّ الصفقات الجارية بين واشنطن وداعش والميليشيات الانفصالية تُشكل مثالاً حياً ودليلاً مؤكداً على أنها ليست سوى نقطة بداية لمحاولة الاستغراق بالتضليل والتزوير أثناء كتابة آخر فصول قذارتها قبل الخروج من سورية.
حتى لو نَجحت إدارة ترامب بإخراج مسرحية مقتل أو اعتقال البغدادي، فإنها لن تنجح بما وصفه البعض من أنه سرقة مَوصوفة للانتصار على داعش، ذلك أنّ العالم بات يَعرف الحقيقة، كل الحقيقة التي كَتبتها سورية بحكمة قيادتها، وبصمود وتضحيات جيشها وشعبها، وبالتعاون مع الأصدقاء والحلفاء، فالانتصار على الإرهاب وداعميه سوري بامتياز، وهو انتصارٌ أُسطوري كُتب بالدم، غير قابل للتزوير، ولا يمكن اختطافه أو سرقته.
علي نصر الله
التاريخ: الأثنين 18-2-2019
رقم العدد : 16912