تجنيد الأطفال ظاهرة خطيرة لا بل كارثة إنسانية انتشرت بشكل كبير في البلدان التي شهدت ومازالت تشهد نزاعات وحروبا ضد الإرهاب، وكما هو معروف هذه الحروب تفرز الكثير من الضحايا وأهمهم الأطفال وما يتعرضون له من عنف وتشرد وتسيب وحرمان من التعليم.
في ظل عجز المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية عن حماية الأطفال في مناطق سيطرت التنظيمات الإرهابية، أصبح تجنيدهم لقمة سائغة بيد تلك التنظيمات التكفيرية، وغدت ظاهرة التجنيد قضية خطيرة تهدد المجتمع وأمنه ومستقبله.
ضمن هذا السياق قدمت الباحثة الاجتماعية هيام ونوس نشاطا تحت عنوان (دور التنظيمات الإرهابية في تجنيد الأطفال) في المركز الثقافي العربي بالمزة.
حيث بينت أن الطفل المجند هو أي طفل يرتبط بقوة عسكرية أو بجماعة إرهابية ولم يبلغ سن الثامنة عشرة، حيث يستغل لأغراض خدمية، تجسسية، جنسية، على هامش النشاط كانت لنا معها هذه الوقفة.
– ما موقف علماء النفس والاجتماع والتربية من هذه الظاهرة الخطيرة؟
لقد حذر العلماء من الآثار الخطيرة لتلك الظاهرة وتحديدا على صعيد بناء شخصية الطفل وانعكاساتها المباشرة على المجتمع، وبينت الباحثة أن المسؤولية جماعية لكل من الأسرة(الأب والأم) المدرسة الأساتذة والموجهين التربويين والاجتماعيين، إضافة إلى تفعيل القوانين الدولية التي تعتبر أن تجنيد الأطفال جريمة حرب، وهناك قائمة تصدر عن الأمم المتحدة يصدرها الأمين العام سنويا اسمها قائمة العار تتكفل بنشر أسماء كل المؤسسات والشخصيات التي تسهم في تجنيد واستغلال الأطفال في الأعمال الإرهابية، لذلك عندما يكون هناك صدق في التنفيذ فالعديد من المشكلات تحل وتكون في حدها الأدنى.
لذا مهمة علماء النفس هي التوعية والتوجيه واجتراح الحلول الممكنة والإضاءة على القوانين وتبسيطها بحيث تصبح في متناول المجتمع ليفهمها ويأخذ بها، وتقديم الدعم النفسي والمعنوي ما أمكن.
– نلاحظ في كل الأزمات والحرب يلجأ الإرهاب إلى تجنيد الأطفال واستغلالهم ما تفسيرك لذلك؟
لأن الطفل الحلقة الأضعف في المجتمع، ويمكن إخضاعه إلى غسل الدماغ أكثر من البالغين، إذ تستغل هذه التنظيمات الإرهابية سهولة إقناع الطفل من خلال إعداد البرامج التي تسعى إلى بث روح الحماسة وحب الاستكشاف وحب الظهور والشعور بالقوة، إضافة إلى استخدام مصطلحات وتعابير تساعدهم في غسل أدمغتهم، وزرع أفكار متطرفة مما يتسبب في تحويل هؤلاء إلى أشباه.
– ما الغاية من التجنيد؟
الغاية هي ترك إرث دموي عنيف وإلى أمد بعيد فهناك سياسة مقصودة من ذلك، أهمها تعميق جذور العنف ليكون هؤلاء الأطفال هم إرثهم الوحيد، وقنابل موقوتة يمكن استعمالها في أي وقت.
– يعتبر تغيير المناهج في المناطق التي يسيطر عليها الإرهاب من أخطر عمليات التجنيد؟
لأن المجموعات الإرهابية تركز على البعد الإيديولوجي والعقائدي إذ لا يحتاج هذا إلى انتظار استقطاب الأطفال، بل يذهب إلى عقر دارهم وإلى مدارسهم، مستخدمين التطرف والتكفير لكل من يعارك أفكارهم ومشاريعهم المرسومة لهم من قبل السيد الممول والمشغل لهم.
– أساليب تجنيد الأطفال متعددة ومتنوعة؟
صحيح تتنوع أساليبهم بين التجويع وإغراء الأهالي بإرسال أبنائهم مقابل المال كما الحال في بعض الأماكن من محافظات القطر، وأيضا استخدام أسلوب الهدايا والإغراء بحمل السلاح واللعب به، وكثيرا ما يتم خطف الأطفال من الشوارع ومن المخيمات ويتم استدراجهم وإقناعهم بأنهم أصبحوا منتجين يتقاضون رواتب مقابل خدماتهم.
هذه الظاهرة تتطلب من جميع المنظمات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني الضغط على الحكومات والدول التي تمول التنظيمات الإرهابية لوقف وصول أي تمويل لهم، وهذه مسؤولية كل المجتمعات الإنسانية، إضافة إلى أهمية دور المؤسسات التعليمية والدينية والإعلامية بالعمل على تقوية الروابط الأسرية وتوعية الآباء والأمهات لتحصين أطفالهم من غسل العقول الذي يجري عبر شبكات التواصل الاجتماعي وعبر الألعاب الإلكترونية.
علاء الدين محمد
التاريخ: الخميس 21-2-2019
الرقم: 16915