على مسرح الحياة ،على خشبة الواقع ،كثير من المشاهد ..تعلمنا الكثير..وأخرى تثير في أذهاننا العديد من التساؤلات ولكل منا زاوية يرى من خلالها.
مشهد صغير عابر لوالدين يحضنان طفلهما ابن الأربع سنوات ،في عناية ودراية ،يحدقان بصغيرهما وهو يحاول سحب ورقة يانصيب من بائعي الحظ ،تحت ضغط وإلحاح الأهل وبكلمات الترغيب ومفردات الغنج والدلال ،لعل وعسى يبتسم لهم الحظ في حلكة يوميات معيشية قاهرة.
لست حشرية ولكن المشهد المتكرر استوقفني وتساءلت في نفسي:هل تصرف الأهل ،محك اختبار وامتحان لبراءة الطفولة ..أجمل ما في الوجود، وماذا لو لم يصادف حسن الحظ هذا الطفل وحتى لو تحالف الحظ مع براءته وعفويته وصدق مشاعره ،لا أظن أن النتائج تختلف بل على العكس ،سترسخ هذه التجربة في ذاكرته وربما تنمي عنده روح الزعامة ،وقد يعيش منتظراً ضربة حظ تحقق له أمانيه وتطلعاته دون أن يتعلم درس الحياة أن الحظ هو التقاء الفرصة الجيدة مع الاستعداد الجيد، وأن تحقيق الأحلام والتطلعات ليست أعطيات حظ هي اجتهاد ومثابرة وتحدٍ.
مشهد حياتي آخر ،لطفل حديث الولادة تنهال عليه فلاشات الكاميرات و الموبايلات لتلقط له صورا تذكارية عامة لتشعل بها مواقع التواصل الاجتماعي بعدد لايكات تشهر عائلته سلبيا.
وليس هناك أشد قسوة وإيلاما من مشهد تلك الأم التي تنتزع يد صغيرها لتقبض عليها بقوة إلى روضته غير مبالية بدموعه ولا توسلاته ،وبلغة التهديد والزجر تتابع طريقها..
في الشارع ..في المدرسة ..في بيوتنا … مازلنا نفتقر إلى أساليب تربوية صحيحة للتعامل مع زينة الحياة الدنيا ،إلى ثقافة تربوية تقينا من التعدي على حقوق هؤلاء الأطفال..وعلى قوانين أمنهم واطمئنانهم وسلامة أجسادهم وأرواحهم ،لأن ذاكرة الصغار لا تنسى الصفعات الصغيرة ،بحاجة إلى ثقافة قانونية لحماية الأطفال من جهل تربوي يحرمهم من أبسط حقوقهم.
رويدة سليمان
التاريخ: الأربعاء 6-3-2019
رقم العدد : 16925