في الماضي القريب؛ كثيراً ما كانت إدارات بعض المدارس الابتدائية تعمد إلى مجازاة التلاميذ المشاغبين أو المهملين لواجباتهم المدرسية بتكليفهم بتنظيف باحة المدرسة كنوع من العقاب بدلاً من تشجيعهم على القيام بعمل ينفع بيئتهم ومجتمعهم الذي يبدأ من البيت والمدرسة، هذا فضلاً عن التقليل من شأن الأشخاص الذين يقومون بممارسة هذه المهن.
اليوم وبعد عدة سنوات من الحرب وأثارها المدمرة على البشر والحجر بدأنا نشهد نماذج مفرحة ومبشرة من العمل التطوعي الجماعي يشارك فيها طلاب من كافة المراحل الدراسية والأعمار جسدتها حملة (سوا بترجع أحلى) التي نظمها الاتحاد الوطني لطلبة سورية والأمانة السورية للتنمية ومنظمة اتحاد شبيبة الثورة ومؤسسة بصمة شباب سورية والهلال الأحمر العربي السوري وبطريركية أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس.
حيث بدأت الصيف الماضي بحملة متكاملة شارك فيها نحو 7 آلاف من الشباب المتطوعين لترميم وإعادة تأهيل عدد من المدارس في الغوطة بريف دمشق لإعادة الحياة إلى المناطق التي تضررت من الإرهاب شملت مختلف أعمال الإكساء والتأهيل من حدادة ونجارة وألمنيوم وتمديدات صحية وكهربائية وأعمال تجميلية إضافة إلى النظافة وترحيل الأنقاض قام بها الطلاب من المعهدين الصناعيين الأول والثاني، عملوا على تصنيع أكثر من 200 باب ألمنيوم وحماية حديدية، ومن ثم تابعت الحملة جهودها لتستهدف مدارس أخرى ومراكز صحية وساحات عامة وطرقات متضررة بفعل الإرهاب في ريف دمشق ولتنتقل بعد ذلك إلى المحافظات الأخرى ومنها محافظة حلب حيث ازداد عدد المتطوعين ليصل إلى 10 آلاف طالب.
ومع انطلاق مرحلة إعادة الإعمار في بلدنا نحن أحوج ما يكون إلى استمرار العمل التطوعي والتوسع فيه لتتشكل في كل مدرسة ومعهد وجامعة ومؤسسة مجموعات تطوعية تسهم في المحافظة على بيئتها ومواردها أولاً ثم العمل على بناء المجتمع انطلاقاً من الشعور بالانتماء إليه والمحبة لأبنائه ولا يتأتى ذلك إلا من خلال نشر ثقافة التطوع منذ المراحل الدراسية الأولى للفرد التي تبدأ بالمدرسة وتحويلها إلى سلوك عملي وفاعل في حياته وربطها بالأهداف العليا للوطن.
هنادة سمير
التاريخ: الأربعاء 6-3-2019
رقم العدد : 16925