بعد تجارب مطبخية فاشلة لم يكن أمام ربة البيت الجديدة إلا سماع نصيحة الزوج ، و رصد المحطات الفضائية المخصصة للطبخ ، و البحث في الشبكة العنكبوتية ، و متابعة البرامج الصباحية التي تفرد مساحة واسعة لشيف ذي خبرة في إعداد الأطباق التقليدية منها و المبتكرة ، كخطوة مبدئية نحو إتقان الطبخ و الولوج إلى قلب الزوج بأطباق صالحة للأكل ليست محروقة و لا « مخبوصة » ، و مدعاة للتباهي أمام الأهل و الأصحاب في الولائم و الدعوات .
و بعد البحث و التقصي و المتابعة و تدوين الوصفات و مكوناتها بالغرام و المكيال ، خرجت ربة البيت الجامعية من دائرة الجهل بالأمور المطبخية، وانتقلت من حيز النظري إلى التطبيق العملي ، وبدأت في إعداد الأطباق التي ترضي الأذواق و تفتح شهية الزوج و تنال ثناءه و رضاه .
و لكن لدى التدقيق بالحسابات البيتية و مراجعة الميزانية الشهرية ، فجع الزوج و انتابه مغص و نال منه ارتفاع في الضغط ، ثم لعن ساعة نصحها بالاستعانة بالنصائح التلفزيونية ، التي أودت إلى نتائج كارثية أدت إلى انهيار الميزانية الشهرية ، جراء إعداد أطباق بأسعار فلكية لم تفصل على مقاس موظف ذي راتب مهترئ .
إعداد الأطباق الغذائية في محطاتنا الفضائية يتحدى نشرات الأسعار ، و يتجاهل ميزانيات ذوي الدخول محدودة الأبعاد ، و ينسى دائما شريحة المتابعين من معتري و فقراء الحال ، فهي بالنسبة لهم أطباق فضائية لا تطالها أيديهم القصيرة ، ولايحلمون برؤيتها إلا بالأحلام و عبر الفضائيات ، وهي ليست إلا مدعاة للحسرة و الاشتهاء ، و بين أطباق الواقع و الفضائيات بون شاسع و اختلاف كبير في المكونات ، و شتان ما بين اللحوم و العدس و البرغل ، و بين أسماء مأكولات ارستقراطية وغربية و أطباق ملء المعدة و إسكات الجوع .
في ظروفنا الاقتصادية الطارئة حبذا لو تراعى الفروق الطبقية في إعداد الأطباق الغذائية التي تقدمها برامجنا الصباحية ، علها تكون مساحة لتقديم أفكار جديدة لتحضير وجبات تناسب شريحة الغالبية العظمى خاصة بعد ارتفاع الأسعار ، وإسداء النصائح في الترشيد و التدبير و إعادة تدوير الطعام ، و ابتكار أصناف لا تحتاج إلى كميات كبيرة من اللحوم التي هجرت موائدنا ، و لا إلى الكثير من المكونات لو تم حسابها لقصمت جيوبنا وقصفت عمر ميزانيتنا ، بينما هناك الكثير من الأفكار يمكن تقديمها لإعداد أطباق توفيرية تسهم في تلوين موائدنا بأصناف تلائم جنون الأسعار … رجاء برسم من يهمه حالنا…
منال السماك
التاريخ: الجمعة 8-3-2019
الرقم: 16927