مع التمادي الأميركي بارتكاب شتى أنواع الإرهاب بحق المدنيين، بات مخيم الركبان علامة فارقة في النهج الاستعماري الملازم لسياسة الغطرسة الأميركية الهادفة لأطماع توسعية ترتكز في جوهرها على عقلية إجرامية تستبيح أبسط حقوق الإنسان، حيث الاستثمار الأميركي بالملفات الإنسانية فاق حدود التصور البشري.
واشنطن ومنذ بداية الحرب الإرهابية على سورية، عمدت مع حلفائها وأدواتها إلى وضع المدنيين في مرمى اعتداءاتها بهدف الابتزاز والمساومة، ومع كل مخيم أنشأته للمهجرين السوريين بفعل الإرهاب، كانت تلوح بالورقة الإنسانية في كل المحافل والمنابر الدولية كأداة ضغط على الحكومة السورية لتحقيق أهداف سياسية عجزت عن تحقيقها في الميدان، واحتجاز المدنيين في مخيم الركبان اليوم، ومنعهم من المغادرة سواء بقوة السلاح أم بالترهيب عن طريق نشر مزاعم كاذبة، وتعريضهم المتعمد للمرض والجوع يمثل أبشع أنواع الإرهاب والجرائم المرتكبة بحق الإنسانية.
ومع كل الجهود السورية والروسية لإنهاء معاناة اللاجئين السوريين في المخيم، تتشبث قوات الاحتلال الأميركي بموقفها الرافض لتفكيك المخيم، ليبقى ذريعة لاستمرار احتلالها، كسعيها تماماً لحماية إرهابيي داعش وتهريبهم من منطقة إلى أخرى ليكونوا أيضاً ذريعة لإطالة أمد بقائها بحجة محاربتهم، كذلك تخشى واشنطن من خسارة ورقتها التفاوضية بحال انصاعت للضغوط الروسية وسمحت للاجئين بالمغادرة، وعندها ستتعرى كل المزاعم والاتهامات الأميركية الباطلة ضد الحكومة السورية بأنها هي من هجرتهم، والأهم من ذلك أنها ستسرع من هزيمة مشروعها المرتبط بقاعدة التنف التي تؤوي إرهابيي داعش، والتي تتخذها كقاعدة انطلاق لقطع التواصل بين دمشق وبغداد وطهران، بغية إضعاف محور المقاومة، ومن أجل كل ذلك تتمترس واشنطن وراء الدروع البشرية في مخيم الركبان.
ليس غريباً على الولايات المتحدة التمادي في انتهاك أبسط حقوق الإنسان، وهي التي أقامت المعتقلات السرية والعلنية في العديد من دول العالم، ومخيم الركبان لا يختلف كثيراً عن تلك المعتقلات، فالإرهاب النفسي، والموت من الجوع والبرد في مخيم الركبان، لا يقل فظاعة عن الموت تحت التعذيب الجسدي كما حدث في أبو غريب وغوانتانامو، وليس غريباً أيضاً على الأمم المتحدة أن تصم آذانها وحواسها عما ترتكبه قوات الاحتلال الأميركي وأذرعها الإرهابية بحق المهجرين في المخيم، وهي التي تتعامى عن المجازر الأميركية بحق المدنيين بريف دير الزور، ولا تزال تتعمد تجاهل استخدام الإرهابيين للأسلحة الكيميائية بجرائمهم المرتكبة بحق المدنيين، رغم أن حقيقة «الخوذ البيضاء» وتبعيتها لأجهزة الاستخبارات البريطانية والأميركية والتركية باتت معروفة للقاصي والداني.
ناصر منذر
التاريخ: الأربعاء 13-3-2019
الرقم: 16930