بعد التهديد يالاطاحة بتيريزا ماي رئيسة الوزراء البريطانية ها هي ماي تلتقط أنفاسها وتتنفس الصعداء بعد توصل بريطانيا والاتحاد الأوروبي إلى اتفاق يدخل (تعديلات ملزمة قانونياً) على اتفاق بريكسيت، ليل الاثنين والثلاثاء والتوصل الى ضمانات (ملزمة قانونيا) من الاتحاد الأوروبي لتمرير اتفاق بريكسيت في البرلمان البريطاني وتجنب انسحاب فوضوي للندن من التكتل، وذلك بعد لقاءات عديدة في ستراسبورغ مع كبار قادة الاتحاد الأوروبي، في وقت بدأ العد التنازلي لموعد خروج بريطانيا من الاتحاد والمقرر في 29 آذار.
ودعا رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر النواب البريطانيين إلى تأييد اتفاق بريكسيت الذي تم إدخال ضمانات قانونية عليه، عشية تصويت جديد لمجلس العموم البريطاني على الاتفاق الذي توصلت إليه ماي مع بروكسل، وأوضح يونكر للصحافيين في مؤتمر صحفي مع رئيسة الوزراء البريطانية وقال: انه لم يكن أمامهم أي حل آخر: إما هذا الاتفاق وإما عدم الخروج، وأضاف بونكر فلنضع نهاية مجدية لانسحاب بريطانيا.
وتأتي زيارة ماي لستراسبورغ بعد مساع بذلها في نهاية الأسبوع مسؤولون بريطانيون لضمان الحصول على تنازلات من الاتحاد الأوروبي على أمل إقناع النواب البريطانيين بتأييد الاتفاق.
وتهدف حزمة التعديلات المؤلفة من ثلاثة أجزاء إلى حل نقطة خلاف رئيسية بالنسبة للنواب البريطانيين بشأن (شبكة الأمان)، الإجراء الوارد في اتفاق بريكسيت بهدف تفادي عودة الحدود فعلياً بين جمهورية إيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي ومقاطعة إيرلندا الشمالية البريطانية.
ماي بعد لقائها يونكر وكبير مفاوضي الاتحاد الاتحاد الأوروبي في ملف بريكسيت ميشال بارنييه قالت: (اليوم ضمنا تعديلات قانونية). وتابعت (حان الوقت العمل سوياً، لدعم اتفاق بريكسيت المحسن).
وكان مجلس العموم البريطاني قد رفض في كانون الثاني العام المنصرم 2018 بغالبية كبيرة الاتفاق ما لم يتم إدخال تعديلات كبيرة عليه، وسط رفض الاتحاد الاوروبي وقتها إعادة التفاوض بشأن (شبكة الأمان)، والإجراء الوارد في اتفاق بريكسيت بهدف تفادي عودة الحدود فعلياً بين جمهورية إيرلندا العضو في الاتحاد الاوروبي ومقاطعة إيرلندا الشمالية البريطانية.
حيث كانت تيريزا ماي تتصارع ليلة الأحد الماضي، لإنقاذ صفقة خروج بريطانيا من الاتحاد وإطالة مدة رئاستها للوزراء ، وسط إشارات كانت تؤدي إلى احتمال تحرك الأوروبيين ضدها إذا كان هناك تأخير في مغادرة الاتحاد الأوروبي، وقد بدا موقف رئيسة الوزراء محفوفًاً بالمخاطر، حيث لم تتمكن من الإعلان عن أي تقدم في المحادثات مع الاتحاد الأوروبي قبل أقل من 48 ساعة من تصويت مجلس العموم على الاتفاقية.
وقال أحد المطلعين على البيانات من داوننج ستريت إن الأسبوع المقبل بدا (متقطعاً) حيث من المرجح أن يصوت البرلمان على تمديد المادة 50 واستبعاد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إذا لم يوافق النواب على اتفاق انسحاب ماي من الاتحاد الأوروبي. واقترح وزيران في الحكومة – نيكي مورغان ودومينيك راب – أن منصبها في رئاسة الوزراء سيكون في مشكلة في هذا السيناريو ، مع وجود تكهنات بأن الأوروبيين سيحاولون إجبارها على الخروج وهذا ماحصل فعلاً .
لو لم يتم التوصل الى حل مع الاتحاد الاوربي وادخال تعديلات على الاتفاق، ربما احتاجت ماي إلى التصويت في الأسبوع القادم الى 100 صوت من الحزب الديمقراطي الأوروبي من حزب المحافظين وحزب الاتحاد الديمقراطي، الذين يريدون تأكيداً بأن المملكة المتحدة لن تلتزم إلى أجل غير مسمى بالمساندة الأيرلندية، واتحاد جمركي دائم مع الاتحاد الأوروبي، حيث كان الوزراء يناقشون ما إذا كانت رئيسة الوزراء تستطيع ان تبقى حتى يعلن موعد المغادرة .
كما حذر جيريمي هانت، وزير الخارجية، من أن الأوروبيين يعتقدون أن الفشل في تأييد اتفاق ماي يعني أن هناك (مخاطرة ) أن ينتهي بهم الأمر بخسارة خروج بريطانيا من Brexit لذلك هم وافقوا على التعديلات، لكن المؤيدين المتشددين لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كانوا يحتفظون بأعصابهم ، كانوا يفكرون دائما فقط في دعم أي اتفاق، إذا غيّر جيفري كوكس ، المدعي العام، رأيه بشأن الطبيعة الدائمة للدعم، وقال ستيف بيكر، وهو شخصية قيادية في المجموعة الأوروبية للأبحاث:(من الواضح أن تغيير رئيس الوزراء لن يخلف هروباً من الدعم ما لم يكن رئيس الوزراء الجديد راغباً وقادراً على خرق القانون الدولي، والى جانب تلك التحذيرات من تهديد الـ (بريكست) قال ستيف بيكر:(يجب على الناس الذين سيوافقون على بريكست أن يعرفوا هذا: ما تفعله، سيكون عليك القيام به في الأماكن العامة الآن، سوف يكون خروجك من أي من منطقة اليورو، وليس من الاتحاد الاوربي، لا تخدعوا أنفسكم بخلاف ذلك ). وقال ديفيد ديفيز، سكرتير بريكسيت السابق، إن عرض ماي واجبارها على الاستقالة قبل توصلها الى حل مع الاتحاد الاوروبي (لن يكون كافياً) وحذر من أن التأخير في مغادرة بركست يمكن أن يتسبب في رد فعل عنيف يصل إلى (لحظة حرجة وطريق مسدود ).
هذا وقد عارض الكثير من الأوروبيين فكرة التأخير، ليس فقط بسبب المخاوف من أن يؤدي ذلك إلى استفتاء ثانٍ، ولكن أيضاً احتمال أن يزيد الاتحاد الأوروبي من فاتورة خروج المملكة المتحدة بمليارات الجنيهات، كما واجهت ماي صعوبة في الحصول على ما يكفي من أصوات حزب العمال للحصول على الصفقة، على الرغم من محاولتها جذبهم بمجموعة من الضمانات على حقوق العمال والنقد للمدن في جميع أنحاء المملكة المتحدة، وإذا كانت (ماي) تخشى من أنها ستتجه إلى هزيمة ثقيلة لو لم تتم الصفقة مع الاتحاد الاوربي، فإنها كانت ستسحب صوتها من اتفاقها وبدلاً من ذلك كانت ستحصل على تصويت إرشادي لإظهار الاتحاد الأوروبي قبل محاولة إجراء أي مفاوضات أخرى.
والواضح كان أن بروكسل ستكون مفتوحة لمزيد من المحادثات دون تغيير في الاتجاه نحو بركست، وقد حذر سام جييما ، المحافظ الذي استقال من منصبه لدعم تصويت الشعب، زملائه من التصويت على الصفقة تحت ضغط الحكومة، مشيراً إلى أن القرارات السياسية السيئة مثل حرب العراق كانت تحت ظروف مماثلة، وقال:(إن التأطير في الاختيار شبيه بالبرلمان الذي عُرض عليه في الفترة التي سبقت حرب العراق، (إن نسخة رئيسة الوزراء هي خيار مصطنع بالمثل: اتفاقها، أوالخروج الفوضوي من الاتحاد الأوروبي الذي نعرفه سيكون له عواقب وخيمة على مجتمعاتنا، وسنطلب من أعضاء البرلمان بشكل فعال أن يختاروا بين المقلاة والنار، على أمل أن يختاروا الأول، وسيتم الإعلان عنه بطريقة ما على أنه نصر).
وكانت رئيسة الوزراء متشائمة أيضاً حول ما إذا كانت ستدلي ببيان حول القضية في مجلس العموم. وفي حالة فشل (ماي) في إبرام اتفاقها مع الاتحاد الاوروبي، قال احد أعضاء (حزب العمال) إنها مستعدة للعمل مع أطراف أخرى لضمان التوصل إلى اتفاق أفضل بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد، لكن احتمال سيطرة البرلمان على المفاوضات زاد من فرصة حزب المحافظين الأوروبيين في محاولة استبدال تيريزا ماي لو لم تستطيع الاتفاق مع الاتحاد الاوروبي .
The Guardian
غادة سلامة
التاريخ: الخميس 14-3-2019
رقم العدد : 16931