تصادف اليوم الذكرى الثالثة والأربعون ليوم الأرض المجيد الذي يجدد فيه الفلسطينيون تمسكهم بأرض آبائهم وأجدادهم، وتشبثهم بهويتهم الوطنية والقومية، ولا ينفصل يوم الأرض عن القيمة النضالية التي يجسدها الفلسطينيون، وأهلنا في الجولان المحتل خلال مسيرة كفاحهما المشترك ضد العدو الصهيوني الغاصب، ولا سيما أن هذه الذكرى تتزامن اليوم مع القرار الأميركي الأرعن بقرصنة أرض الجولان المحتل لإهدائه إلى الكيان الصهيوني بما يشرعن احتلاله لأرض عربية سورية مغروسة في قلوب السوريين، كما تزامنت هذه الذكرى خلال العام الماضي مع القرار المشؤوم للرئيس الأميركي دونالد ترامب اعتبار القدس عاصمة لكيان الاحتلال الإسرائيلي، منتهكاً بذلك كل الأعراف والقوانين الدولية، وكلا القرارين لا ينفصلان عن ما يسمى «صفقة القرن»، المباركة من قبل الأعراب.
وتأتي الذكرى اليوم في ظل الحرب الإرهابية التي تقودها دول الاستعمار الحديث في الغرب بهدف تفتيت المنطقة عبر البوابة السورية والفلسطينية في آن معاً، لكي يستغل العدو الصهيوني الأحداث الراهنة بالتواطؤ مع إدارة ترامب لتكريس احتلاله سواء كان في الجولان أو في فلسطين التاريخية، وكل ما يجري في سورية من حرب إرهابية مسعورة اتخذت أشكالا متعددة، من الإرهاب المسلح على يد التنظيمات الإرهابية، أو إلى الإرهاب الاقتصادي الذي تمارسه دول الغرب الاستعماري بحق السوريين، مرورا بالإرهاب النفسي عبر محاصرة السوريين بتلال من المواقف العدائية، بهدف الضغط والابتزاز، لدفعهم إلى التنازل عن ثوابتهم العربية والقومية الراسخة.
اليوم وبعد 43 عاماً على هبّة يوم الأرض تتصاعد جرائم الاحتلال وعنصريته وترتفع حمى مصادرة الأراضي وتوسيع المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فضلاً عن المحاولات المستمرة لفرض واقع جديد فيما يخص أوضاع المقدسات في القدس المحتلة في إطار المخطط التهويدي المتواصل، والذي لم يستثنِ الجولان المحتل بدءا من تصعيد السياسة الإسرائيلية المعلنة لتكريس احتلالها، وانتزاع الاعتراف بقرارها غير الشرعي بضم الجولان السوري المحتل كأمر واقع انتهاكاً لقرار مجلس الأمن رقم 497 لعام 1981، وصولاً إلى تصاعد المحاولات الإسرائيلية لفرض قوانينها وولايتها على أهالي الجولان المحتل على التوازي مع تصاعد حملات الاستيطان عبر الاستمرار ببناء وتوسيع المستوطنات ومصادرة الأراضي الزراعية الخصبة ومصادر المياه في أنحاء الجولان السوري المحتل.
أحداث يوم الأرض تعود الى ما شهدته الأراضي الفلسطينية المحتلة من هبّة شعبية عارمة أواخر آذار عام 1976 حيث أُعلن الإضراب الشامل في مختلف المدن والقرى الفلسطينية بعد أن أقرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي مخططاً لمصادرة آلاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية ذات الملكية الخاصة تحت غطاء مخطط تهويدي أطلق عليه اسم «مشروع تطوير الجليل».
رغم كل الممارسات الصهيونية بحق الفلسطينيين وأهلنا في الجولان المحتل، سيبقى الفلسطينيون متمسكون بحقوقهم التاريخية، كما هم أهلنا الصامدون في الجولان المحتل، حيث لا يزالون متمسكين بانتمائهم لوطنهم الأم وبهويتهم العربية السورية في مواجهة الانتهاكات الجسيمة والممنهجة لكافة حقوقهم الأساسية على يد سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وسيبقى الفلسطينيون وأبناء الجولان متمسكون بخيارهم المقاوم، والسوريون يُجمعون اليوم على أن استرجاع الجولان، وكل ذرة تراب بات قريباً، بفعل إرادتهم وصمودهم، وبهمّة سواعد جيشهم الباسل.
كتب المحرر السياسي:
التاريخ: الجمعة 29-3-2019
الرقم: 16943