يمضي يوم أرض آخر، فيما تلملم ثمانية أعوام من العدوان الإرهابي المعولم خيباتها دون الاستفادة من الدروس التي سطرها شرفاء سورية كنموذج للثبات والالتزام والتمسك بالحق والحرية والسيادة الوطنية مع بذل الغالي والنفيس للحفاظ على وحدة الوطن وسلامة حدوده ومواطنيه، فماذا يتوقع العالم بعد ذلك؟ وأي مواجهات متوقعة في قادمات الأيام؟
لا تحتاج الإجابة كثير عناء فسورية التي واجهت أعتى وأبشع أشكال الإرهاب مدعوماً بالمال النفطي ومنتجات الإمبريالية العسكرية المعتدية ومستخدماً أكثر أساليب الإرهاب توحشاً فإنها قادرة على المواجهة والصمود والثبات إلى أبعد مدى دون تحديد سقف زمني مهما كان بعيداً لذلك الصمود الأسطوري، مهما كانت آليات العدوان العسكرية والإعلامية والنفسية مستنفرة في جميع عواصم العدوان الغربي الاستعماري غير القادر على الخروج من تاريخه المقيت.
ويبقى الأمر متعلقاً بالإجراءات والسلوك والممارسات الآنية التي يلجأ إليها المعتدون وهم يستخدمون جميع الأسلحة ويبدون استعداداً لتغييرها واستبدالها وفق التطورات والمستجدات في كل ظرف مستجد، حيث تتداخل عوامل العدوان الدولي والإقليمي مع حركة وانتقال المجموعات الإرهابية المسلحة في مهماتها التنفيذية سعياً لتحقيق هدف بعيد لم يتحقق حتى اللحظة، وهو لن يتحقق أبداً.
تتحرك الإدارة الأميركية دفعاً للمشروع الصهيوني في مرحلة ما يعرف بصفقة القرن، فكان قرار ترامب الجنوني بالاعتراف بشرعية العدوان الصهيوني على الجولان السوري المحتل مقدمة لمرحلة جديدة يتوقع فيها اتخاذ إجراءات أكثر عدوانية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وصيرورة الصراع العربي الصهيوني فيتم تجاوز الاعتداء على الجولان السوري إلى مناطق شبعا وكفرشوبا في لبنان وصولاً إلى الضفة الغربية في فلسطين وانتهاءً بقطاع غزة ومواطني كل هذه المناطق وترحيلهم إلى صحراء سيناء والأردن تزامناً مع دفع تعويضات للفلسطينين المتواجدين في الشتات والانتهاء من تبعات وعواقب القضية الفلسطينية برمتها.
هذه أهداف لا يخفيها المستعمرون المعتدون ولا يخجلون في إعلانها أمام أتباعهم وعملائهم فدونالد ترامب يطلب من المشيخات الخليجيات الدفع بكل الإمكانيات لتسهيل هذه المهمة والتنصل من الارتباطات التاريخية بفلسطين وتناسي دماء الشهداء العرب من كل مدن وقرى وأرياف الوطن العربي من الخليج العربي إلى المحيط الأطلسي والدخول في حالة من الاستسلام والتبعية وإطلاق يد الصهاينة للتحكم بمقدرات الأمة العربية كلها.
الإجراءات المتداخلة المعقدة تستهدف تحقيق هدف بعيد واحد وهو تمكين الكيان العدواني الصهيوني في فلسطين المحتلة عبر تهديم البنية المجتمعية للشعب العربي في أقطار العرب كافة مع التركيز على سورية تحديداً، وفقاً لدورها وتاريخها وواقعها في التصدي للمخطط الصهيوني وتجربتها في مواجهة الإرهاب وتقديمها النموذج الأمثل في محاربة الإرهاب دفاعاً عن العالم الحر والحضارة الإنسانية كلها في الوقت الذي ما زالت دول الغرب الأوروبي الاستعمارية مستمرة في حروبها الإعلامية وخداع مواطنيها تبريراً لمواقفها العدوانية التي تتناقض كلياً مع المبادئ الإنسانية التي تدعي الإيمان بها والالتزام بها سلوكاً في الوقت التي تخالفها كلها واقعاً معاشاً وتطبيقا استعمارياً لم يتغير وإن اختلفت الأشكال والشخوص.
مصطفى المقداد
التاريخ: الأثنين 1-4-2019
رقم العدد : 16945