«أوفاك» يعتبر إيصال النفط والغاز جريمة .. ويرهب كل من يساهم بذلك!! جريمة الحصار على سورية تشبه من فرضها .. منتهى البشاعة والإرهاب الاقتصادي
الكثيرون يعرفون ما تفعله أمريكا والقوى الغربية وأذيالها العربية بقضية الضغط على سورية اقتصادياً، وكيف تمارس هذا الإرهاب الاقتصادي ضدها فعلاً؟ من أجل سلب إرادتها وقرارها المستقل كي تنعطف – وفق أوهامهم – عن مسارها الوطني والتخلّي عن الأراضي العربية المحتلة وعن القضية الفلسطينية بشكلٍ عام، وهذا لبّ الموضوع كله.
ربما هذا ما نعرفه بشكلٍ عام، ولكن ماذا لو دخلنا بالتفاصيل، ومررنا سويّةً على تلك الحالات التي تزعم أمريكا بأنها (جرائم) ترتكبها سورية، وتستحق عليها الحصار والعقوبات..؟
من هم أعداء أمريكا ..؟
تتخذ أمريكا من الحكومة ومصرف سورية المركزي ومختلف المصارف العاملة في سورية، ومن مؤسسة الطيران العربية السورية، ومن مصفاة بانياس، والشركة السورية لنقل النفط، والمؤسسة العامة للنقل البحري، والعديد من المؤسسات الاقتصادية الأخرى، والشخصيات السياسية والاقتصادية السورية .. أعداءً لها..!
وتقوم واشنطن بتفويض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة والمعروف باسم (أوفاك) بأن يبحث ويراقب، ويصدر القرارات التي تصب – زوراً وبهتاناً – في مصلحة الأمن القومي الأمريكي، وبحسب هذا المنطق بتنا كلنا نُشكّل خطراً على الأمن القومي الأمريكي..!
نماذج من العقوبات وأسباب الحصار
مكتب مراقبة الأصول الأجنبية هذا، والذي يُعتبر(وكالة استخبارات مالية في وزارة الخزانة الأمريكية، يدير ويفرض عقوبات اقتصادية وتجارية لدعم الولايات المتحدة لأجل – مثلما تزعم واشنطن – أهداف الأمن القومي والسياسة الخارجية، وينفّذ مكتب المراقبة نشاطاته ضد الدول الأجنبية، فضلاً عن مجموعة مختلفة من المنظمات والأفراد الآخرين، مثل الجماعات الإرهابية التي تعد تهديداً للأمن القومي في الولايات المتحدة، وهذا النّفاق كله على الرغم من أن الولايات المتحدة هي التي صنّعت تلك الجماعات الإرهابية، وهي المسؤولة عن كل ما تفعله، فما تزال اعترافات هيلاري كلنتون بهذا الشأن تملأ الآفاق..!
على كل حال قام أوفاك بإدراج الشخصيات التي أسماها بالوسيطة، والمتمركزة في سورية لتوفير الدعم المالي والمادي والتكنولوجي للحكومة السورية، مع تسهيل عمليات استيراد النفط والأسلحة بالنيابة عن الحكومة بما في ذلك المشاركة في شحن البضائع والمعدات العسكرية من إيران إلى سورية.
شبكة توريد الوقود
يدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية أيضاً ما أسماها في بيانه شبكة واسعة النطاق لتوريد الوقود على قائمة الغضب والعقوبات، حيث تدير كيانات في سورية ولبنان والإمارات، لتأمين شحنات النفط الخام والوقود والغاز الطبيعي المسال للحكومة السورية وتشمل هذه (الشبكة) أشخاصاً وشركات خدمات نفطية وكيماويات.
ويتحدث البيان العدواني لأوفاك عن شركة خدمات نفطية مقرها في لبنان، تعمل مع الحكومة السورية للتهرب من العقوبات، واستيراد النفط الخام والمنتجات النفطية إلى الموانئ السورية، وقد تم إدراجها في القائمة بسبب تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي للحكومة السورية.
والتهمة العظيمة التي لا تُغتفر، هي أنّ هذه الشركة قامت بإرسال شحنات المنتجات البترولية تقريباً.
وتُمعن هذه الشركة المُعاقَبة بتراكم (جرائمها) حسب البيان أيضاً، من خلال تنسيق حركة المدفوعات للمنتجات البترولية، عبر حسابات مصرفية تابعة لكيانات الحكومة السورية والشركات الأمامية.
إذاً هكذا بدأنا نفهم ما يجري لنا من أزمات شيئاً فشيئاً، فنحن نقترف الجرائم بالمعايير الأمريكية، دون أن ندري، فالبنزين والغاز ومختلف المشتقات النفطية، كلها محرّمات، علينا الابتعاد عنها لنكسب الرضى الأمريكي ..!
ويضيف البيان أنه تم إدراج شركة أخرى ومقرها لبنان أيضاً، وشركة ثالثة مقرها الإمارات، بسبب تسهيل الشحنات إلى الموانئ السورية، من خلال العمل كمرسل إليه، واستئجار السفن، وقد تم إدراج شبكة التوريد هذه على قائمة العقوبات بسبب تقديم الدعم المالي والمادي والتكنولوجي للشركة السورية لنقل النفط.
وحدّد المكتب أن الشركة السورية لنقل النفط كيان تابع للحكومة السورية فيما قامت إحدى تلك الشركات المُعاقبة بترتيب وشحن المنتجات البترولية إلى سورية.
ويتابع بيان أوفاك: تم إدراج رجل أعمال متمركز في لبنان، على قائمة العقوبات بسبب تقديم الدعم المالي والمادي والتكنولوجي للشركة السورية لنقل النفط، أو بسبب العمل لصالح الشركة المُعاقبة الأخرى، أو بالنيابة عنها.
شركة مجرمة أخرى؟!
وأوضح البيان أنه قد أدرج أيضاً شركة أخرى، لأنها مملوكة أو خاضعة لسيطرة الشركة الأولى وهي كائنة في الإمارات، وجريمتها عند أوفاك أنها تسهل المدفوعات القادمة من سورية.
ويصل أوفاك إلى النتيجة التالية:يتم حظر أي ممتلكات أو مصالح في ممتلكات الأشخاص المدرجين تكون في حيازة أفراد أمريكيين أو تحت سيطرتهم أو داخل الولايات المتحدة وإبلاغ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بها، ويحظر عموماً على الأشخاص الأمريكيين إجراء أي معاملات مع الأفراد والكيانات المدرجة.
هذا بعض ما «تفضّلت» به أمريكا على الشعب السوري الذي يعاني معاناة شديدة من نقص المشتقات النفطية، ونقص الغاز المنزلي، ويعتقد الكثيرون بأن الحكومة هي المقصّرة في تأمين هذه المواد للناس، ولكن دعونا نسأل: ما هي المصلحة الحكومية في مثل هذا التقصير الذي يوصلنا إلى مثل تلك الأزمة الحادّة..؟! من الصعب أن نجد جواباً موضوعياً ومقنعاً، ولذلك صار من الضروري أن يعرف الجميع الحقيقة المرّة التي نتجرّعها جميعاً إزاء هذه العقوبات الأمريكية الجائرة على سورية، والتي هي بالفعل تستهدف الشعب السوري قبل أي أحدٍ آخر.
وفي الحقيقة فإنّ العقوبات الأمريكية على الشعب السوري، لا تقف عند هذا الحد، فعدوانية واشنطن لا تتوانى عن اتخاذ عقوبات بحق أفرادٍ وكيانات حتى لمجرّد الاشتباه بها فعلاً، فممنوع على أي أحدٍ أو كيان (شركة مؤسسة .. وما إلى ذلك) مساعدة الشعب السوري في محنته، تبعاً للسياسة الإجرامية الأمريكية، وبهذا الصدد ذكرت صحيفة (كوميرسانت) الروسية في مقالٍ حول إجراءات تقييدية اتخذتها واشنطن ضد شركتين روسيتين، بتهمة تزويدهما سورية بالنفط الإيراني، ففي العشرين من تشرين الثاني الماضي، فرضت واشنطن عقوبات على شركتين من روسيا للاشتباه في تزويدهما سورية بالنفط ووفقاً لوزير الخزانة الأمريكية ستيفن منوشين، فإن ذلك يتعلق بمواجهة (المخطط المعقد الذي استخدمته إيران وروسيا وسورية)، فهكذا قال وزير الخزانة، هو يتعمّد التمسّك بمثل هذه الألفاظ ويبتعد كلياً عما يصيب الشعب السوري من المعاناة الشديدة جراء هذه العقوبات الجائرة..!
الثورة – علي محمود جديد
التاريخ: الخميس 11-4-2019
رقم العدد : 16954