حرصت التوجهات التعليمية الأخيرة على تعزيز الهوية الوطنية والثقافية للطلاب مع مواكبة متطلبات المناهج الجديدة ، وأكدت على المهرجانات التربوية والمبادرات والمواهب بما يتناسب مع طبيعة العصر وتمكين الطلاب من المعارف والمهارات المطلوبة في مجال اللغات الأربعة الحية.. فكان المهرجان الأول للغات الذي نظمته مديرية التربية بمشاركة طلاب من التعليم الأساسي والثانوي من كافة مدارس ريف دمشق هو الخطوة الأولى على هذا الطريق.
تفعيلاً للأنشطة اللاصفية
تضمن المهرجان الذي أقامته مديرية تربية ريف دمشق في المجمع التعليمي في ضاحية قدسيا فقرات فنية وغنائية ومبادرات اجتماعية وثقافية وتربوية عبرت عن الانتماء للوطن والاهتمام بالمواهب وإبرازها ورعايتها بما يتناسب مع ثقافة وتراث المجتمع السوري،وعليه أكد الأستاذ ماهر فرج مدير تربية ريف دمشق: على أن المهرجان يأتي ضمن اهتمام وزارة التربية بتفعيل الأنشطة الفنية واللاصفية وتنمية مهارات الطلاب وإبداعاتهم، وقد بدأت فعاليات المهرجان السوري للغات في محافظة ريف دمشق لتمتد بعد ذلك إلى باقي المحافظات في تواريخ محددة لاحقا. مبينا أن أهمية هذا المهرجان لتنمية مهارات الطلاب في اللغات الحية مثل الفرنسي والإنكليزية والروسية إلى جانب الاهتمام باللغة العربية من خلال تجسيدها في أنشطة فنية ومسرحية وغنائية يقدمها الطلاب وهذه الفقرات كانت قد خضعت للتقييم في المدارس من قبل الموجهين الاختصاصيين لكل مادة.
مواكبة للمناهج المعدلة
وأكد فرج أن دور وزارة التربية يأتي في تنشيط هذه الفعاليات وتنميتها إلى جانب الاهتمام بالمادة العلمية ومواكبة المناهج التي تم طرحها مؤخرا والتركيز على الجانب المهاراتي والإبداعي، والتوجيه إلى معايير انتقاء الأعمال التي يقدمها الطلاب بحيث تكون مطابقة لمواصفات المادة الفنية من حيث الأداء ووسائل العرض والدقة واللغة والحضور والموضوعية في العمل، حيث كانت المشاركة على مستوى المحافظة من خلال 12 منطقة تعليمية وسميت مبادرات تربوية ضمن الفئات العمرية بالمراحل التعليمة الثلاثة.
من جانبه بين أنور ناصر مدير التربية المساعد لتربية ريف دمشق للتعليم الثانوي: أن هذا المهرجان يأتي ضمن إطار خطة الوزارة لتفعيل المبادرات التربوية الطلابية وتحضيرا للمهرجان التربوي السوري الذي سيقام في شهر تموز القادم، حيث شكلت مديرية التربية لجاناً لتقييم هذه المبادرات الطلابية تتألف من موجهين اختصاصيين للغات الأربعة (العربية، الروسية، والفرنسية، والإنكليزية) وكذلك موجهو الفنون في مجالات الرسم والموسيقا والغناء والكورال وغيرها،منوها أن لجان التحكيم التي تواجدت في هذا المهرجان هي لجان وزارية من منسقي المواد الأربعة إضافة إلى مختصين في الرسم والفنون وفي المجالات الأخرى، عملت على تقييم المبادرات والمشاركات الطلابية، واختارت الأكثر تميزا وقدرة على الأداء، وقد جاءت هذه الخطوة بعد أن قامت اللجان الفرعية في تربية الريف بخطوة استباقية، بمشاهدة المشاركات الطلابية ضمن المدارس على مستوى كل منطقة واختيار الأكثر قدرة للمشاركة في المهرجان.
أعداد كبيرة
أظهر المهرجان قدرات كبيرة ومشاركات واسعة لم تكن متوقعة على الرغم من الفترة القصيرة التي كانت مخصصة للتدريب وأشار ناصر: إلى أعداد كبيرة من المشاركين ..فعلى سبيل المثال كان هناك حوالي 40 مشاركاً من مجمع الغوطة الشرقية، و 50 مشاركاً من مجمع قطنا ،وأعداد مماثلة من مجمع جرمانا وأخرى من مجمع صحنايا والنبك وغيرها من المجمعات التعليمية على مستوى ريف دمشق الذي يمتد إلى قارة، وقد تم اختيارهم من قبل اللجان التي تشكلت من الموجهين الاختصاصين والفنون، التي ذهبت إلى تجمع المدارس وتابعت الكثير من المبادرات الطلابية، واختارت الأنسب بعد عملية التقييم والمشاهدة.
بدأت منذ ثلاث سنوات
كما تحدث عن أهمية هذه الخطوة كجزء هام وأساسي في إطار نظام تقييم الطالب المطور أي حسب المناهج المطورة وإعطائه الدور الأساسي من حيث إبراز ما لديه من إمكانيات، انطلاقا من وجود أنواع عديدة من الذكاء التي يمكن أن يتمتع بها الطالب، والتي يمكن اكتشافها من خلال هذه المبادرات وتطويرها. بالإضافة إلى ما تقدمه للطالب من شعور بالثقة بالنفس وخبرات تفيده في حياته العملية وتفيد المجتمع.
مؤكدا أن فكرة المهرجان بدأت في الوزارة منذ ثلاث سنوات من خلال تطوير المناهج التي تعتمد في جزء أساسي منها على تفعيل دور الطالب وحثه على إظهار مالديه من قدرات وذكاء وتحفيزه على تطويرها، فكانت هذه التجربة الأولى في هذا الإطار وسوف تستمر مع الاستفادة من بعض الملاحظات.
إنجاز مضمون المناهج
الأستاذ عماد عباس مشرف المجمع التربوي في ضاحية قدسيا بين أهمية المجمع ودوره في احتضان هكذا مبادرات ولقاءات نوعية على مستوى محافظة ريف دمشق، والتي أصبحت كثيرة بعد طرح مفهوم المناهج الحديثة في وزارة التربية واللجان التي اشرفت وعملت على إنجاز مضمون المناهج بعدما أخذنا نلحظ تلك الأشياء المهمة في سير العملية التربوية ،وأن المبادرات أصبحت شيئا مهما في إطار مشاريع بنية المناهج وذلك من خلال عمل الطلاب وتدريبهم ،لافتا أن مدارس ريف دمشق كاملة حاضرة في هذا المجمع للمنافسة بغية انتقاء الأفضل بحضور لجنة من وزارة التربية لتقييم هذه الأعمال ووضع الدرجات التي تستحقها.
وأضاف الأستاذ عباس أن المجمع الذي يضم قاعة اجتماعات ومسرحاً ومدرجاً حديثاً يساهم بتقديم كامل الدعم اللوجستي لكل الأنشطة والأعمال والمبادرات التي تقام في المواسم التربوية ،فالبناء بمنظور عمل وزارة التربية هو لنشر وتسويق التعليم في كل مكان ،لاسيما وأن الضاحية كانت آمنة منذ البداية ،وحضر إليها وافدون ومهجرون كثر وتم استيعابهم جميعا ضمن المجمع الذي يضم إضافة لبناء المجمع الإداري، ثانوية للبنات ومدرسة حلقة ثانية للبنات وحلقة أولى، ومعهد تجاري بجانب المجمع وبعد أن تم تأمين وضع الوافدين بقي المجمع لمهامه التربوية.
وعن الرسالة الموجهة للآخر نوه الاستاذ عباس أن مجمل الانشطة التي تقوم بها وزارة التربية تدل على أن سورية مازالت بخير وتشق طريق التعافي بفضل انتصارات الجيش العربي السوري وتوجيهات القيادة الحكيمة للسيد الرئيس بشار الأسد . وأن طلابنا سيكملون مسيرة البناء نحو المستقبل وفق متطلبات العملية التعليمية .
وإن كان هناك من صعوبات تذكر قال الاستاذ عباس أن مشكلة انقطاع التيار الكهربائي أثناء الدوام الرسمي تؤثر سلبا على الأداء لأن جميع مستلزمات البناء الحديث مصممة جميعها على الطاقة الكهربائية وما نأمله هو مراعاة هذا الوضع .
باللغة الفصحة
تحدثت رندة أبو حامد مديرة ثانوية المتفوقين في صحنايا حول مشاركة المدرسة من خلال ثالث فقرات، وهي: فقرة تقدمة لنشرة أخبار ، وفقرة فكاهية بعنوان خلل فني تتحدث عن تداخل في طريقة تقديم الخبر والمعلومات ببعضها البعض، والفقرة الثالثة هي تمثيلية تتحدث عن الواقع الأزمة التي مرت بها سورية ونتائجها المريرة وخاصة على الأطفال، وطبعا كل ذلك باستخدام اللغة العربية الفصحة.
ولفتت حامد أن التدريب استمر حوالي شهر كامل، بعد أن تم انتقاء الطلاب عن طريق مدرسة اللغة العربية وبإشراف الموجهين الاختصاصيين، من خلال ملاحظة الطلاب الذين لديهم إبداع وقدرة على التقديم والأداء بعفوية وتمكن، وتم تدريبهم على هذه العروض، مع محاولات لتلافي الثغرات التي كانت تظهر لديهم وتعديلاها،وطبعا هناك انتقال للفائزين من مستوى الريف إلى مستوى المحافظات وبعدها على مستوى القطر.
مبينة أن أكثر العروض نجاحا من وجهة نظرها هي التي قدمت باللغة الفرنسية، حيث كان الأداء فوق مستوى الجيد، وأن أكثر صعوبة واجهت المشاركين هي الوقت القصير الذي لم يساعد الطلاب على التدريب بشكل أفضل.
فوق الوسط
صنف مستوى الأداء من قبل جميع من التقينا معهم بأنه فوق الوسط وجيد وهناك عروض متميزة جدا، فبعض المشاركين لديه خبرة سابقة في مثل هذه الأنشطة وقد عرضت مشاركاتهم على محطات تلفزيونية معينة ما أكسبهم خبرة متميزة عن الآخرين في الأداء، وبينت هذه العروض أن ما ينقص طلابنا هو فقط التبني والاكتساب والمتابعة لهذه الإمكانيات الموجودة لديهم ورعايتها وسورية مشهورة بأنها نبع لا ينبض من الإبداع والعطاء في كل المجالات.
تحفيز الطاقات
وعن أهمية مشاركة مدرسة ٨ آذار في مدينة قطنا بخمس مبادرات على مستوى اللغة الإنكليزية وحضور ٢٨ طفلا بينت المدرسة هدى حسن حسين لمادة اللغة الانكليزية أن هكذا أنشطة تشجع طلابنا كي يتحدثوا ابلغة ثانية لتقوية شخصيتهم كخطوة اولى و لتوصيلهم للعالم وليس فقط على مستوى سورية ،حيث شارك أطفالنا من أعمار مابين ٦إلى ١٢سنة،واصفة إياهم بفراشات حلوة تطير على المسرح.سمعهم الجميع وهم يتحدثون بلغة جميلة ولهجة اجمل تعبر عن حجم التعب المبذول كي يصلوا لهذه المرحلة .
ونوهت المدرسة حسين ان العمل مع الطلاب والتلاميذ جار من الصف الأول حتى وصلنا وإياهم إلى هذا المستوى من ناحية الحديث بلغة سليمة كلغة ثانية مع العربية والهدف برأيها تنمية حب اللغة عند الطالب،وبالتالي ماإن يصل الطالب لعمر ١٥ عاما حتى يصبح قادرا على ايصال صوته لاي بلد كان.
و أضافت حسين ان مدرسة ٨آذار شاركت العام الفائت بهذا المهرجان على مستوى منطقة قطنا واليوم تتم المنافسة على مستوى فرع ريف دمشق وهذا الإنجاز بطلابنا على مستوى الفرع يعود الفضل الأكبر فيه إلى مدير المدرسة الأستاذ علي جلاد الذي قدم كامل التسهيلات والدعم لنجاح المبادرات الخمس المشاركة ،وذكرت حسين ان يوم الاثنين من كل أسبوع مخصص بأكمله للحديث مع الطلاب باللغة الإنكليزية من الصف الأول وحتى السادس وذلك اثناء الفرصة إذ تتم الدردشة مع الآنسات،الطلاب،المدير ،أثناء الاصطفاف، الأغاني تكون باللغة الإنكليزية و حتى ايعازات التمارين الرياضية ،إلى جانب المحاولة ايضا لاستثمار حديث اللغة بمواد الرياضيات والعلوم.
وعن كيفية إدخال الرغبة إلى نفوس التلاميذ بتعلم اللغة الإنكليزية أشارت حسين ان بعض الصعوبة لاشك قائمة ما جعلنا نبحث عن أساليب مناسبة لجذبهم وقبولهم تعلم اللغة بمحبة عن طريق لعبة،اغنية، تمرين رياضي .مؤكدة تميز طلاب مدرسة ٨آذار على مستوى القطر بعملهم وإبداعهم باللغة الإنكليزية إلى جانب المواد الأخرى.
من جانبها بينت المدرسة حنان عفوف لمادة اللغة الفرنسية ومدربة مناهج مطورة بريف دمشق ان الهدف من هذه الفعاليات التنافسية هو تشجيع اللغات الثانية إلى جانب العربية ،بحيث يتم دمج الفن مع اللغة ما ساعد الطالب على إخراج مابداخله من نشاط و ابداع ومواهب وهذا مالمسناه عند كثير من طلابنا،ونصيحة المدرسة ياسين أن تعمل المدارس بكل إتقان على إخراج مافي نفوس طلابنا من مواهب رائعة عن طريق الفن لاسيما وأن منهاج اللغة الفرنسية يساعد على ذلك.
الطالبتان روز حلاوة،ومايا طربيه اللتان قدمتا لوحة غنائية باللغة الفرنسية عن حياة الفنانة التشكيلية فريدة كارلو واستحضار لوحتين من اعمالها.. ملخص القصة كما تقول الطالبات عن هذه الفنانة تعرضت لحادث وبقيت سنة كاملة في السرير وللتخفيف من وطأة الألم قامت والدتها بتعليق مرآة على سريرها ،هذا السلوك ساعد الفنانة على رسم ذاتها وترجمة مشاعر الألم التي عاشتها عن طريق الرسم ..
لوحات فنية متنوعة قدمها أطفال مدارس ريف دمشق في جو من المنافسة الإيجابية المبدعة التي تعكس مزايا الإنسان السوري وقدرته على البناء والأعمار و اجتراح الأمل والطموح رغم كل الأوجاع المحيطة .
غصون سليمان..ميساء الجردي
التاريخ: الثلاثاء 23-4-2019
الرقم: 16962