فضيلة الأنانية..!!

هل هي خطوة زائدة أم ناقصة نحو «فن العيش»..؟
(المعنى الدقيق والتعريف في المعجم لكلمة «أنانية» هو: عناية الشخص بمصالح ذاته)..
عبارة تذكرها الكاتبة الأمريكية ذات الأصل الروسي «آين راند»، توفيت عام 1982، في مقدمه كتابها «فضيلة الأنانية».. ومعها نكتشف استخدامات أخرى، وربما معاكسة أو صادمة لمفاهيم ترسّخت لدينا وفق الشائع والمتعارف عليه.
وترى حسب منهجها الذي تطلق عليه :»الموضوعية أو الموضوعانية»، أنه من واجبك أن تكون أنانياً، ذلك أن التصرّف بعقلانية يقتضي وضع مصلحتك في البداية.. فالإيثار والتضحية بالنفس أمران غير أخلاقيين، كما تعتقد.
«عناية الشخص بمصالح ذاته».. تتنبّه إلى كون هذا التعريف لا يتضمن أي إيماءة بوجود خير أو شر.. وأن أخلاق الإيثار التي ترسخت في اللاوعي الجمعي جعلت من الشخص الذي يهتم بمصالحه الشخصية شريراً «أنانياً».. وفيه الكثير من الفظاظة المروّعة والظلم المزمن، حسب لفظها.
في ملحق روايتها «أطلس لا يبالي»، تختصر الفكرة الأساسية لفلسفتها بقولها: (بشكل رئيسي، فلسفتي هي فكرة الإنسان ككائن بطولي، حيث تكون سعادته الشخصية هي السبب الأخلاقي لوجوده).. وتماماً يتشابه قولها مع ما يتلفظ به بطلها :»جون جولد» حين يعلن: «أقسم بحياتي وبحبي لها أني لن أعيش أبداً من أجل إنسان آخر ولن أسأل إنساناً آخر أن يعيش لأجلي»..
ويبدو أن آين راند، تخطت بكثير مفهوم :»الاهتمام بالنفس»، الذي تحدّث عنه ميشيل فوكو، توفي عام 1984، في كتابه تأويل الذات قائلاً: (تفيد عبارة «الاهتمام بالنفس» الممارسة أو النشاط والتأمل في نفس الوقت…. إن الاهتمام بالنفس يعني كذلك مجموعة من الأفعال الدائمة، أفعال نقوم بها أو نمارسها أو تقوم بها النفس على نفسها، أفعال من خلالها نعتني بأنفسنا، وبها نتحول أو نتغير، وبها نغير وجهنا أو نتجمل)..
لكن لم يعطِ كلام فوكو أي إيماءة بوجوب الميل نحو «الأنانية».. أو على الأقل هكذا نشعر حين قراءتنا لمجمل عباراته التي تصب في خانة العناية بالنفس.. وبغض النظر عن أي إلصاق إو إلحاق لأي صفة سلبية بكلمة «الأنانية» استناداً للتعريف الذي تسوقه «راند»..
من الممكن أن يخطر لنا التساؤل.. هل انفجار الاهتمام بالنفس الذي سمّاه فوكو بـ(فن الحياة) أو (فن الوجود)، من المحتمل أن يصل إلى نوع من فضيلة «الأنانية».. التي ذكرتها «راند»..؟؟
مع العلم أنه هو نفسه، أي فوكو ذكر «أن ممارسة الاهتمام بالنفس، بدلاً من أن تكون قاعدة ووصية… فإنها أصبحت أمراً وشأناً يخص مسيرة الوجود الإنساني كلها. فقد التحمت وامتزجت بفن الحياة. إن فن الحياة أو فن العيش وفن الاهتمام بالنفس أصبحا متماهيين، أو يميلان على الأقل لأن يكونا كذلك».
وكل المعارف التي نحتاجها هي معارف موجّهة نحو فن الحياة كما يرى، مؤكّداً أن فكرة الانهمام بالنفس والعناية بها هي فكرة قديمة عائدة إلى الفلسفة اليونانية.. ليصل إلى السؤال: ما الذي حدث وأدى إلى تجاهل هذا التصور الخاص بالاهتمام بالنفس عند محاولة إعادة كتابة الفلسفة الغربية..؟
لعل آراء «آين راند» لا تخلو من مغالاةٍ غير قادرة على لمحِ أي سعادة ممكن للمرء أن يحصّلها حين يستشعر متعة العطاء ومنح الآخر.. ومع ذلك هل محصلة المبالغة بـ(الاهتمام بالنفس) تصل إلى حدود «الأنانية»..؟
ما الحدود الفاصلة بين هذه وتلك..؟

لميس علي
التاريخ: الجمعة 26-4-2019
الرقم: 16965

 

 

آخر الأخبار
المعتقل صفراوي عالج جراح رفاقه في سجن صيدنايا وأنقذ الكثيرين "حركة بلا بركة" تفقد واقع عمل مديريات "التجارة الداخلية" في اللاذقية خسارة ثالثة على التوالي لميلان تكثيف الرقابة التموينية بطرطوس.. ومعارض بأسعار مخفضة برشلونة يستعيد صدارة الليغا باحث اقتصادي لـ"الثورة": لا نملك صناعة حقيقية وأولوية النهوض للتكنولوجيا شغل (الحرامات).. مبادرة لمجموعة (سما) تحويل المخلفات إلى ذهب زراعي.. الزراعة العضوية مبادرة فردية ناجحة دين ودنيا.. الشيخ العباس لـ"الثورة": الكفالة حسب حاجة المكفول الخصخصة إلى أين؟ محلل اقتصادي لـ"الثورة": مرتبطة بشكل الاقتصاد القادم المخرج نبيل المالح يُخربش بأعماله على جدران الحياة "الابن السيئ" فيلم وثائقي جسّد حكاية وطن استبيح لعقود دورة النصر السلوية.. ناشئو الأهلي أولاً والناشئات للنهائي كرة اليد بين أخطاء الماضي والانطلاقة المستقبلية سلتنا تحافظ على تصنيفها دولياً الأخضر السعودي يخسر كأس آسيا للشباب دوبلانتيس يُحطّم رقمه القياس رعاية طبية وعمليات جراحية مجاناً.. "الصحة" تطلق حملة "أم الشهيد" ليست للفقراء فقط.. "البالة" أسعار تناسب الجميع وبسطاتها تفترش أرصفة طرطوس