«.. سعيداً وقريباً من قلب الحياة الجامح»..
وصفٌ يسوقه جيمس جويس عن إحدى شخصياته التي أرادت التحليق عبر الفن..
هل يؤمن لنا الفن السير نحو غاياتنا الحرّة..؟
أيكون نبضاً واثقاً صوب إرادة الجمال وخلق خيالات مفعمة بالإنتاج الحر متخلصاً من كل قيد..؟
كجمهور متلقٍ، وفي كل مرة نتابع فيها عملاً فنياً.. نمتلك أملاً طافياً بامتلاكه سيلاً من حياة متخيلة ربما أردناها يوماً، وحلمنا بها.. ولهذا يدغدغ الفن آمالاً غافية في طبقات من اللاوعي.. كنوع من الرغبة بتحصيل تقاطعات مع سيل الحكايا المقدّمة لنا عبر دراما نتلقاها حالياً بفيض أعمال تلفزيونية تتشرب شيئاً من خلطة ممزوجة بأطياف واقع وخيال.
مزيج الواقع والخيال ذاك، معجونٌ بتفاصيل ربما تتخطّى حدود المُدرك حياتياً، أو لعلها تقصّر فلا تشبع شغفاً اعتاد مجاراة اللامتوقع..
أتُساعد تلك الدراما، كصنف فني، على إعادة إنتاج الدهشة لدينا أم لعلها تخمّر لحظات الانتظار دون أمل يرتجى..؟
تبدو مهمته تتلخص بخلق عيش موازٍ.. حياة تعويضية.. تتسلل من مختلف ما نتلقاه من أعمال الفن والدراما.
عن النشاط الخلّاق والإبداعي الذي يمارسه مطلق كاتب/مبدع، تحدث إيرك فروم في كتابه «الخوف من الحرية»: (يستطيع معظمنا أن يلاحظ على الأقل لحظات تلقائيتنا التي هي في الوقت نفسه لحظات السعادة الأصيلة. والنشاط التلقائي هو النشاط الذي يستطيع به الإنسان أن يقهر رعب الوحدة)..
أيمكن لدراما متلفزة أن تكسي يومياتنا بشيء من هذه التلقائية..؟
إنها التلقائية الجمالية القادرة على الحفر في أعماق أي منا، وكشفها كما لو أنها تكشط أكوام غبار الزمن، وجفاف الروح.. تعيد إرواءها.. وتخصيبها بأفكار تكتسي طعم الحاضر واليومي.. بإيقاع الفن.. فما نفتقده يعود يملأ فراغات أرواحنا عبر وسيلة الخلق الإبداعي وحده.
وبقدر ما يمتلك ذاك الخلق خاصية تجعله يعيد صياغة الحياة من جديد، يقوم بدوزنتها بشكل مزدوج، محققاً تناغماً بين الفردي/الشخصي، والغيري/الجمعي.. تركيبة تتوافد بجماليات قال عنها أحد الفلاسفة يوماً: «ليس الفن في جوهره سوى عملية الإنتاج الحر للجمال»..
فهل ستزيد درامانا لهذا الموسم مخزوننا الجمالي، أم العكس..؟
رؤيـــــــة
لميس علي
lamisali25@yahoo.com
التاريخ: الخميس 9-5-2019
رقم العدد : 16973

السابق
التالي