الخطر من الشمال؟

لمراكز الأبحاث والدراسات في إسرائيل دور مهم في تحديد عناصر القوة والضعف في الكيان الصهيوني إضافة إلى الإشارة إلى طبيعة ومستوى التحديات التي تواجهه سواء على صعيد الداخل أم على الصعيد الخارجي، ويقدم التقرير السنوي رؤية ومقترحات لمراكز القرار في الكيان الصهيوني للتعامل مع تلك التحديات ومواجهتها كي تبقى إسرائيل – وفق قراءاته – في حالة تفوق وأمان استراتيجي مقارنة مع من ترى فيهم خطراً يتهدد وجودها ومستقبلها ويحول دون استمراها بتنفيذ سياساتها التوسعية على حساب الشعب العربي الفلسطيني وحقوق العرب على وجه العموم وجرياً على عادته أشار التقرير الاستراتيجي السنوي الصادر عن معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي لعام ٢٠١٩ والذي يعتبر وثيقة مهمة تستند إليها الحكومة الإسرائيلية في اتخاذ خطوات عملية لمواجهة التهديدات المشار إليها إلى أن ثمة أخطاراً حقيقية تواجهه ذلك الكيان هي وفق ترتيبه من حيث مستوى الخطر، إيران ومشروعها النووي، وسورية، وحزب الله، والمقاومة في قطاع غزة والضفة، والهبات الشعبية في الداخل ولا سيما مدينة القدس بعد عمليات التهويد الممنهج الذي تقوم بها سلطات الاحتلال بهدف ابتلاع المدينة المقدسة وتغيير كافة ملامحها الدينية والحضارية بوصفها مدينة عربية.
ومن خلال استعراض البيئة الإقليمية والدولية يشير التقرير المذكور بشكل واضح إلى تحسن في موقع إسرائيل الإقليمي بسبب العلاقة مع الدول العربية البراغماتية وهي وفقه مصر والسعودية من خلال التركيز على المواجهة مع إيران ما سمح بانطلاق تعاون بين هذه الأنظمة وإسرائيل حيث انتقل من السر إلى العلن ومع ذلك لا يزال الجمهور العربي (وفق التقرير) يؤيد مطالب الفلسطينيين ويتم تحديد الموقف منها بوصفها (عدواً) من خلال التسوية السياسية المأمولة ويحذر التقرير من أن اندلاع المواجهات بين الفلسطينيين وسلطات الاحتلال في أي مكان سوف يكون مقوضاً للاستقرار ولذلك فإن إحراز أي تقدم في التسوية هو شرط لإشهار تلك العلاقة مع تلك الأنظمة ما يوفر لها البيئة المناسبة كي تستمر في تطوير العلاقة مع إسرائيل وإخراجها إلى دائرة العلنية وهذا ما يجعلها تشجع أي تقدم في المسار السياسي وسبل الوصول إلى حل للقضية الفلسطينية ويحذر التقرير من أن تصعيد المواجهة مع سلطات الاحتلال هو الذي سيعوق أي محاولات تطبيع مع العدو ويمنع الأنظمة في الانخراط أكثر معه لأنها ستظهر بموقع المؤيد له وهذا ما لا قدرة لها عليه بفعل ضغط الشارع.
إن قراءة أولية لمتن التقرير تظهر أهمية الحراك الشعبي المناهض للعدو سواء أكان عبر المظاهرات أم الانتفاضة أم الهبة أم العمل المسلح وأهمية تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية في إطار أي سعي لمواجهة موجة التطبيع والهرولة باتجاه العدو ولا سيما بعد انعقاد مؤتمر وارسو الذي شكل أحد مظاهر وتجليات السير في صفقة القرن التي يجري الحديث عنها لتحظى بغطاء دولي وكأننا أمام حالة انتقال من أوسلو واتفاقياتها سيئة الصيت إلى مستوى أكثر خطورة يتمثل بمحاولة إيجاد شرعية دولية على نحو ما انطلاقاً من وارسو وما تحمله من رسائل إلى روسيا العائدة بقوة إلى المنطقة عبر البوابة السورية وما تمثله من ثقل جيواستراتيجي في المنطقة والعالم.
إن قراءة المشهد في المنطقة بعد الانتصار السوري وما يمثله من تغيير في قواعد اللعبة السياسية والعسكرية حيث يطرح العدو مفهوم الردع المتجدد والمقصود به قصف المواقع العسكرية في سورية سواء أكانت سورية أم للقوى الداعمة لها وهو ما يطلق عليه التقرير (المعارك بين الحروب) ويشير إلى أهمية الاستفادة من نافذة الفرص الاستراتيجية في مرحلة ما قبل الانتصار النهائي لسورية بحيث يتم تكريس أمر واقع تسووي للقضية الفلسطينية يشكل من وجهة نظر معدي التقرير ربحاً وجائزة كبرى لإسرائيل التي تعتبر نفسها قد خسرت الرهان في كل ما جرى في سورية وفق حساباتها وقراءتها الخاطئة للأحداث فيها.

د.خلف علي المفتاح
khalaf.almuftah@gmail.com
التاريخ: الأثنين 20-5-2019
رقم العدد : 16981

آخر الأخبار
المجتمع الأهلي يجهز بئر مياه كويا بدرعا  تحديات بالجملة أمام عودة أكثر من 2,3 مليون سوري عادوا لديارهم  ارتفاع الدولار وحرائق الساحل تنعكس على الأسعار في الأسواق  ريادة الأعمال في قلب التغيير.. النساء دعامة المجتمع خفايا  ثوب الانفصال!   حملة تنظيف لشوارع الصنمين بعد 15 يوماً على تخصيص رقم خاص للشكاوى.. مواطنون لـ"الثورة": عزز الثقة بعمل مديريات محافظة دمشق بسبب الضياع المائي .. شح في مياه الشرب بدرعا معرض دمشق الدولي .. منصة شاملة تجمع التجارة بالصناعة والثقافة عودة بئر "دير بعلبة" للعمل شهر على اختطاف حمزة العمارين.. قلق متصاعد ومطالبات بالكشف عن مصيره الفرق تواصل السيطرة على آخر بؤر حرائق كسب بريف اللاذقية دراسة إعفاء الشاحنات ومركبات النقل من الرسوم  وتفعيل مركز انطلاق السيارات السورية مع لبنان السويداء بين شعارات "حق تقرير المصير" وخطر الارتماء في الحضن الإسرائيلي "معاً نبني سوريتنا" .. لقاء حواري يعيد رسم ملامح التكاتف المجتمعي في سوريا إحياء خط كركوك–بانياس.. خطوة استراتيجية نحو تكامل طاقي إقليمي  موجة حرائق جديدة تجتاح الغاب في عين الحمام جورين ناعور جورين  كنيسة "السيسنية" في ريف صافيتا.. أقدم الكنائس السورية على نهر الأبرش  مساهمات المجتمع المحلي.. دور مساند  في إطفاء لهيب الحرائق    معمل "الفيجة" أمام تحول جذري..  محمد الليكو لـ"الثورة": إنتاج 13 ألف عبوة في الساعة.. وحسومات تنافس...