تتصاعد لغة التهديدات بصورة نارية، لتعود فتخبو قليلاً، ثم ما تلبث أن ترتفع لدرجة أن بعض المراقبين وضع حداً لبدء عمليات عسكرية كانت ملامحها تبدو في أفق الخليج العربي ومضيق هرمز متلازمة ومتزامنة من مواجهات في الجولان ولبنان وفي الداخل الفلسطيني المحتل، ما يضع العالم كله أمام احتمالات زيادة مخاطر انفجار العلاقات الدولية، التي شهدت هدوءاً ملحوظاً بعد انتهاء حقبة الحرب الباردة وانكفاء روسيا الاتحادية وتفكيك حلف وارسو وغياب حالة الاستقطاب الدولي لأكثر من عقدين، احتلت الولايات المتحدة الأميركية خلالهما موقع القيصر الذي يأمر فيطاع، وينفذ ما يريد من دون احتجاج أو اعتراض داخل الأمم المتحدة أو مجلس الأمن الدولي.
ولم يكن لهذا الحال القدرة على الاستمرار، فتبدلت الموازين مع محافظة شبه كاملة على حالة الاستقطاب في فترة الحرب الباردة، وكان من الطبيعي أن تعود روسيا الاتحادية لتحتل مكانتها الدولية كقطب دولي ودولة عظمى، بما يزعج ساكن البيت الأبيض ومن خلفه حلفاؤه التقليديون في أوروبا الاستعمارية وكوريا الجنوبية واليابان وأستراليا وكندا، فكانت الأحداث الدولية في مختلف مناطق العالم محددات أساسية وعوامل فاعلة في رسم طبيعة العلاقات الدولية المعاصرة.
لقد كان لوصول دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة في البيت الأبيض منعكسات متسارعة على مستوى العلاقات الدولية، فأدخل العالم في حالة مستحدثة من النزاع تمثلت بأوضاع المد والجزر فضلاً عن التهديد والتراجع، إضافة إلى التلويح بالحرب حيناً ليتبعها بدعوة للحوار ومد يد الصداقة، ويعقب ذلك تراجع عن جميع المواقف السابقة كما حدث في العلاقات مع كوريا الديمقراطية.
وتبدو اليوم نذر الحرب متوقعة أكثر من أي وقت مضى بعد التهديدات الأميركية لجمهورية إيران الإسلامية ومنعها من تصدير نفطها، وما قابل تلك التهديدات من ردود إيرانية ترفض علاقة التهديد والتخويف، وتبدي الاستعداد للمواجهة من دون أن تغلق باب الحوار.
ولا يقتصر الأمر على إيران، فهذا ماثيو تيولر السفير الأميركي الجديد في بغداد يعتقد أن العراق سيكون حطباً للحرب بين طهران وواشنطن، فهل يبقى أحد في المنطقة في منأى عن الخطر وعن احتمالات الحروب المفتوحة التي ترتفع حدة التصريحات بشأنها حيناً وتخبو حيناً آخر.
وتبقى المسألة متعلقة بعوامل مترابطة تجمع محور المقاومة باعتبارها لا تقبل بالمشاريع الأميركية، وترفضها وتبدي استعداداً لمواجهتها بجميع الوسائل، الأمر الذي يفتح باب التوقعات القاسية، وهو ما ستكشفه قادمات الأيام.
مصطفى المقداد
التاريخ: الأثنين 20-5-2019
رقم العدد : 16981