ملحق ثقافي-إعداد: رشا سلوم:
ربما لا يعرف الكثيرون أن إبراهيم طوقان رحل بعمر الورد، شاعر شكل ظاهرة استثنائية كما غيره من شعراء الأرض المحتلة، لم يكن الصوت العادي أبداً في كل ما عمله وقدمه، هو الشاعر الذي أثار العواصف حوله، وعلى خطاه كانت أخته فدوى طوقان التي أنقذها من براثن الجهل والتخلف كما تقول هي، حين أخرجها أهلوها من المدرسة لأن طفلاً صغيراً من زملائها أهداها وردة حمراء، وهذا عار كما تقول حينذاك، فكان أخوها إبراهيم المنقذ والمعلم.
اليوم في ذكرى رحيله، ومع تجدد ذكرى النكبة نقف عند محطات بحياة الشاعر الذي نذر دمه للأرض والإنسان، وكان الفداء الصوت الأعلى في شعره وإبداعه، ولاسيما قصيدته عن الشهداء.
ولد عام 1905م في مدينة نابلس الفلسطينية، وترعرع هذا الشاعر المبدع في أسرة ثرية حافظت عليه، ومنحته أفضل تعليم؛ فقد بدأ حياته التعليمية وهو يبلغ التاسعة من عمره، في المدرسة الرشيدية الغربية في مدينة نابلس، وبقي فيها حتى عام 1918م، ثم تلقى تعليمه الثانوي في مدرسة المطران في مدينة القدس، وبقي فيها مدة 4 سنوات. أما في عام 1923م، فقد التحق إبراهيم طوقان بالجامعة الأمريكية في مدينة بيروت، وتخرج منها في عام 1929م بعد أن نال شهادة البكالوريوس في العلوم.
بعد أن تخرج طوقان من الجامعة، شغل مهنة معلم للغة العربية في مدرسة النجاح في مدينة نابلس، وبقي في عمله مدة سنة فقط، ليعود بعد ذلك إلى مدينة بيروت، حيث عمل معلماً في الجامعة التي تخرج منها، واستمر فيها حتى العام 1932، ثم انتقل إلى مدينة القدس، وبدأ التدريس في المدرسة الرشيدية، إلا أنه عانى من المرض، ودخل المستشفى، فقدم استقالته من المدرسة، وعزم على عدم الرجوع إلى التعليم. وفي العام 1936، بدأ طوقان العمل كمدير للبرنامج العربي في إذاعة القدس، وبقي فيها حتى العام 1940.
له العديد من القصائد الوطنية، والثورية التي كان يسرد فيها الأحداث المفصلية التي عاشتها دولة فلسطين خلال الانتداب البريطاني، ومنها: قصيدة المعلم، وقصيدة الثلاثاء الحمراء؛ دلالةً على اليوم الذي نفذ فيه الانتداب البريطاني حكم الإعدام بحق كل من عطا الزير، وفؤاد حجازي، ومحمد جمجوم، كما ألف قصائد أخرى في المديح، والغزل، ومن الجدير بالذكر أن قصائد طوقان جميعها موجودة في ديوان شعر يتضمن مقدمةً عن حياته من تأليف أخته الشقيقة فدوى، وبالإضافة إلى ذلك، فقد أسس طوقان ندوةً أدبيةً تعقد خارج الجامعة، وذلك بمشاركة عدد من الأدباء، والشعراء.
عانى الشاعر طوال حياته من المرض، والتعب؛ فلم تكن صحته جيدةً، وكان نحيل الجسم، وضعيف البنية منذ صغره، كما أصابه مرض الصمم في أذنيه، وعانى من القرحة، والتهابات المعدة، وظل على ذلك النحو إلى أن وافته المنية في العام 1941 في مدينة نابلس، ولم يتجاوز من العمر حينها ستة وثلاثين عاماً.
عبس الخطب فابتسم
وطغى الهول فاقتحم
رابط الجأش والنهى
ثابت القلب والقدم
لم يبال الأذى ولم
يثنه طارئ الألم
نفسه طوع همة
وجمت دونها الهمم
تلتقي في مزاجها
بالأعاصير والحمم
تجمع الهائج الخضم
إلى الراسخ الأشم
وهي من عنصر الفدا
ومن جوهر الكرم
ومن الحق جذوةٌ
لفحها حرر الأمم
التاريخ 21-5-2019
رقم العدد:16982