مشاغبات كثيرة قد تحدث في أجواء القاعة الدرسية وقد يتم اكتشاف مواهب عديدة أو سلوكيات لافتة فما الذي يحدث فعلا في قاعة الصف ؟ سؤال يبدو مغريا لمعرفة أجواء من يجلسون على مقاعد الدراسة .. نذكر في هذه السطور تلك التجربة التي قام بها مؤسس علم النفس الايجابي «مارتان سيليغمان « من خلال كتابه الذي حمل عنوان «قوة التفاؤل تعلم الثقة بالحياة الصادر عن الهيئة العامة للكتاب مؤخرا وترجمة غسان السيد ، حيث يقول سيليغمان : اهتممت منذ وقت قريب بحالة فتى كان عمره تسع سنوات كان يبدو خجولا وضعيفا لدينا ، وكان آخر من يتم اختياره عند تشكيل أي فريق،رغم أنه كان يملك ذكاء كبيرا وموهبة فنية واضحة.
كانت رسوماته بحسب رأي أستاذه أفضل ما رآه عند طفل في المرحلة الابتدائية..انفصل والداه لما كان عمره عشر سنوات وأصيب حينها بالاكتئاب ، تراجعت نتائجه بشدة وأصبح كلامه نادرا ، وفقد شهيته للرسم،ولكن استاذه لمادة للرسم رفض الاستسلام ، نجح أخيرا في جعل الفتى يتكلم والكشف من أن هذا الطفل الذي أسماه» بول» يعد نفسه غبيا وهو مسؤول عن انفصال والديه.
أحكام أكثر واقعية
أفهمه أستاذه بهدوء كم هو مخطئ بحق نفسه ويحملها فوق طاقتها . فقاده شيئا فشيئا إلى صياغة أحكام عن نفسه أكثر واقعية ، قبل بول أخيرا أنه بعيد عن أن يكون أحمق وأنه متميز عقليا،وأن كثيرا من الفتيان يكتشفون بصورة متأخرة الانسجام في حركاتهم وأنه بالنتيجة ،الشجاعة،التي برهن عنها على أرض الملعب كانت أكثر من رائعة.
أخيرا تعرف الأستاذ على والدي الفتى اللذين أكدا له أنه لم يكن لابنهما اي دور في انفصالهما،
في العمق لقد ساعد هذا الاستاذ تلميذه في تغيير طريقة تفسيره ،وفي غضون أشهر قليلة فاز بول بجوائز وبدأ ايضا يحقق تقدما في مجال الرياضة .لقد عوضا حيويته وحماسه عن براعته المحدودة.لقد أصبح الفتى التعب مراهقا نشيطا.
حينما يعاني طفلك من صعوبات في المدرسة يكون ثمة اعتقاد كبير لدى المعلمين،أو لديك أن هناك مشكلة في القدرات العقلية.
ربما يشعر طفلك أنه مكتئب،واكتئابه يمنعه من بذل الجهود،والمثابرة،وتحمل المخاطر التي ستسمح له باستخدام قدراته كلها.الأسوأ أن مثل هذا الحكم السلبي المتعلق بقدرات الطفل لا يفلت منه بالتأكيد ، وستكون نتيجة ذلك أن يدخل هذا الحكم في الصورة التي يعطيها لنفسه.وستأخذ طريقة تفسيره منعطف يصبح بالتدريج أكثر تشاؤما،وستصبح النتائج سيئة.
وعن معرفة الطفل إن كان مكتئبا،ربما تساعدنا بعض الاختبارات التي أجريت من قبل المختصين مثل مارتان سيليغمان مؤسس علم النفس الإيجابي إذ لا توجد وسيلة برأيه تؤدي إلى تحديد الاكتئاب في ظل غياب فحص تشخيص من قبل عالم نفس أو طبيب نفسي ولكن بالإمكان أخذ فكرة أولية تقريبية من خلال إخضاع الطفل لاختبار يتضمن مجموعة طرق واحتمالات.
فعلى سبيل المثال لا الحصر نشير لما طرحه سيليغمان من أسئلة..هل كنت مشغولا بأشياء لا تشكل لديك مشكلة عادة،هل كنت جائعا،هل لديك احساس بأنك لم تكن بحال جيدة مثل الأطفال الآخرين،هل كان لديك صعوبة في الانتباه الى ما أفعله،هل كان لديك خوفا،هل كنت تنام أقل من المعتاد،هل كنت تشعر بالوحدة،هل كانت لديك رغبة في البكاء،هل كان لديك احساس بأن الناس لم يكونوا يحبونك وغيرها الكثير من الاسئلة..حيث الإجابة هنا عبر ٤ عبارات هي،أبدا،نادرا،أحيانا،غالبا..
وحسب سيليغمان من السهل حساب نتيجة هذا الاختبار.كل جواب ابدا له علامة الصفر،وكل جواب(نادرا) له علامة واحدة،،وكل جواب (أحيانا)له علامتان،وكل جواب غالبا،له ثلاث علامات. يكفي اذا جمع هذه الأرقام اذا وضع طفلك إجابتين عن السؤال نفسه يؤخذ الرقم الأعلى.
دلالة النتيجة أنه إذا حصل الطفل على مجموع يتراوح بين صفر وتسعة ،فهذا يعني أنه غير مكتئب غالبا .واذا كانت النتيجة تقع بين ١٠و١٥ فهذا يعني انه يعاني من اكتئاب خفيف.واذا كان المجموع أكثر من خمسة عشر فهذا فهذا يعني أنه وصل الى درجة معينة من الاكتئاب .في حين أن النتيجة بين ١٦-٢٤ تضعه ضمن فئة المكتئبين المتوسطين .وأخيرا إذا كان مجموعه أكثر من٢٤ فإن ذلك يشي أنه يعاني من اكتئاب شديد.
ويرى مؤسس علم النفس الايجابي أن اختبارا من هذا النوع قد يفتح الباب على خطأين من الواجب الانتباه إليهما أولا أن كثيراً من الأطفال يخفون ما يشعرون به لاسيما عن آبائهم ولذلك فإن نتيجة وقل من عشرة قد تخفي احيانا حالة من الاكتئاب. ثم إن الحالة المرتفعة لبعض الأطفال يمكن أن تأتي من وجود مشكلات أخرى غير الاكتئاب.
ربما يكون الاكتئاب لدى طفل حصل على عشر علامات،ولديه صعوبات في المدرسة سببا لهذه الصعوبات،وليس العكس.لقد لاحظنا أن أطفالا بعمر عشر سنوات وحصلوا على علامة مرتفعة بهذا الاختبار لديهم صعوبة في العثور على حماس تصحيفي،وحل مشكلات اختبار او العمل جيدا في المدرسة ،وهذه هي ايضا حالة اطفال تلى درجة عالية من الذكاء ولهذا يجب البحث عن مساعدة عالم نفس اذا بقيت نتيجة طفلك أعلى من خمس عشرة في الاسبوعين بلا توقف،وهذا ينطبق ايضا على طفل حصل على نتيجة تسع علامات على الأقل ويتحدث عن انتحاره.مجموعة من السلوكيات الطارئة يجب الانتباه لها في علاقتنا مع الأبناء في المنزل وداخل المدرسة لتلافي ثغراتها.
غصون سليمان
التاريخ: الخميس 6-6-2019
الرقم: 16995