صادفتها أكثر من مرة أثناء تسوقي تأهبا لعيد لا يستساغ طعمه إلا بثياب جديدة، حتى وإن كنا كباراً فمن ليس له جديد ليس له عيد، هكذا درجت العادة واقترنت طقوس العيد باقتناء ملابس جديدة، كانت تلك الصبية تدور باحثة عن حقيبة يد بيضاء بين المحلات التجارية في سوق الصالحية، التقيتها في أول محل تجرب الحقيبة، وتستعرضها على المرآة معجبة فرحة وقد وجدت ضالتها، حقيبة على الموضة تبدو فاخرة مما رسم ابتسامة على وجهها وفاض قلبها بالغبطة ، وربما رسمت لها مخيلتها منظرها وهي مرتدية ثيابها في أول أيام العيد، وعبارات الاعجاب والثناء تنال على قامتها المختالة بذوقها الرفيع الذي يليق بصبية جميلة في ريعان الشباب .
لم تجر رياح الأسعار كما تشتهي سفن أحلامها، فسعر الحقيبة كان كفيلاً برسم الفتور على ملامحها، وتقليص حجم الابتسامة التي كانت للتو تسكن وجهها وتلحق بأمنياتها، حاولت خجلة وجاهدة إقناع البائع بتخفيض يتناسب وما خصصته من ميزانية للشراء، إلا أن محاولاتها باءت بفشل ذريع، فخرجت تجر ذيول الخيبة والإحباط، ونظراتها الحالمة معلقة بالحقيبة فتلتفت إليها متأسفة .
بدت همتها أكثر فتوراً وهي تتنقل من محل لآخر، واليأس بدأ يتسلل إلى روحها اليافعة، الأسعار مجنونة لا ترحم ميزانية متواضعة، و البضاعة الرخيصة سريعة العطب و لا تواكب موضة ذات ذوق راق، ربما ستلجأ في النهاية للاستسلام لأمر واقع وشراء تلك البضاعة المخصصة لذوي دخل محدود، وصرف النظر عن تلك الواجهات البراقة التي تتحدى بأسعارها أغلب شرائحنا الاجتماعية التي فتك بجيوبها غلاء طال السلع كافة .
التسوق لمستلزمات العيد وخاصة الملابس يحتاج لمهارة خاصة لتستطيع السير على حبل معلق في الهواء والتوازن هو سر البقاء وعدم السقوط في براثن مغريات العروض الانتهازية، وليس كل ما يلمع ذهباً كما أن السعر المرتفع ليس مقياساً للجودة والنوعية الجيدة، والشطارة تكمن في اختيار وجهة التسوق، فهناك محلات تجارية وأسواق شعبية تببع بسعر الجملة توفر على المتسوق الكثير من المال والجهد ..
تنوعت وجهات التسوق حسب حال الجيب والغاية واحدة ملابس للعيد، البعض اختارها من المولات والمحلات الكبيرة ذات الأسعار الباهظة وآخرون لجؤوا إلى الأسواق الشعبية، والبعض لم يجد إلا البسطات ملاذاً لأحلامهم بثياب جديدة، وهناك من كانت البالة وجهة لتسوقهم، وهنا تحضر القناعة ويحلو الرضا ليكون العيد فرصة للفرح وليس للتحسر و الغصة.
منال السماك
التاريخ: الخميس 6-6-2019
الرقم: 16995