عندما احتلت داعش مناطق واسعة من العراق وسورية، اتجهت نحوها أنظار الشرق الأوسط وباقي دول العالم على حساب القضية الفلسطينية، فالدول التي عانت من إرهاب داعش توجهت لاستعادة أراضيها بالقضاء على البنية التحتية للجماعات الإرهابية والحيلولة دون تجنيد الأجانب لتجميد توسع وامتداد داعش إلى باقي دول الشرق الأوسط،
لكن في السنتين الأخيرتين استعادت القضية الفلسطينية الكثير من الدعم رغم الخيانات في العقد الماضي. اليوم، جميع الذين يدعمون القضية الفلسطينية ليسوا فقط متحدين ضد عدو واحد (التحالف الأميركي-الإسرائيلي)، لكنهم مستعدون للمحاربة معاً على جبهات عدة.
ترامب حاول تقديم الجولان السوري والقدس كهدية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو و(اعترافه بهما لإسرائيل) قوبل بمواجهة من حركات المقاومة في الشرق الأوسط، خاصة التي تدعمها سورية وإيران حيث إن هذه الحركات لم تتحد فقط في وجه الهيمنة الأميركية، لكنها نجحت أيضاً في تشكيل جبهة مشتركة ضد الولايات المتحدة وإسرائيل..
من هنا تأتي قوة الرسالة: إن الهجوم بطائرة دون طيار ليس سوى فكرة مسبقة لما يمكن أن يحدث بعد ذلك للطرقات التي ستغني عن مضيق هرمز في تزويد البترول.
كما لن تتمكن أياً من دول الشرق الأوسط تصدير نفطها بحال منع إيران عن ذلك.
عدا ذلك، فإن سياسة إسرائيل بتضييق الخناق على غزة جعلت مختلف المجموعات الفلسطينية الناشطة تتحالف في خندق عسكري واحد لمقاومة الجيش الإسرائيلي.
حيث وحدت اثني عشر مجموعة عسكرية جهودها في غزة وتقوم بتنسيق عمليات القصف للمدن الإسرائيلية وغيرها من الأهداف رداً على حصار نتنياهو لغزة وسكانها.
الحل بسيط: كلما تعمدت الإدارة الأميركية والإسرائيلية احتقار حقوق دول الشرق الأوسط وحق شعوبها في العيش بسلام مع بعضها البعض واستعادة أراضيها التي تحتلها إسرائيل، كلما نشطت الحركات غير الحكومية.
ستستفيد إيران بشدة من نتائج السياسات الأميركية والإسرائيلية، حيث ستطلب من شركائها في الشرق الأوسط التشارك في الدفاع المشترك من أجل مصالحهما ودعم أمنها الوطني بحال تعرضها للتهديد.
مما لا شك فيه أن الولايات المتحدة تستفيد مادياً من زعزعة الأمور بين دول الشرق الأوسط، لأن ذلك يعزز هيمنتها على الدول الغنية بالنفط، والاستمرار بتصوير إيران على أنها العدو النموذجي يسهِّل بيع الأسلحة الأميركية بشكل واسع.
كما تساهم الصراعات القبلية والإثنية في الشرق الأوسط في تقسيم هذه الدول، وتمنع المعارضة الإقليمية للدول الغنية بالنفط من تنسيق سياساتها، بحيث تعوق قيام سوق مبادلات تجارية واتحاد نقدي ذي أمد متوسط أو طويل.
على إثر الأزمة الحادة مؤخراً بين طهران وواشنطن، لم تحرك الإدارة الأميركية ساكناً لحماية دول الخليج فقط اكتفت بالتهديدات اللفظية -إرسال حاملة طائرات وقاذفات B-52 كرد على التهديد الإيراني- وبيع أسلحة صناعة أميركية ولا سيما صواريخ اعتراض باتريوت مقابل مبلغ بسيط ثمانية مليارات دولار.
بالتأكيد لن يكون هناك حرب إيرانية-أميركية إذ أظهرت كلتا الدولتين رغبتهما بتجنب الحرب بأي ثمن، وبدا وزير الخارجية الأميركي مايك بامبو اليوم أنه يريد التخلي عن مهلة النقاط الاثنتي عشرة بقوله إن بلده مستعدة للتفاوض مع إيران دون شروط مسبقة. اندفاعه للتخلي عن شروطه لا يعني أموراً كبيرة لأن إيران عبرت بوضوح عن شروطها ببدء الحوار مع الإدارة الأميركية، احترام الاتفاق النووي الإيراني ورفع العقوبات، ومن غير المرجح أن تقدم أي تنازلات بحلول نهاية ولاية ترامب عام ٢٠٢٠، تبدو إيران قوية جداً فيما الولايات المتحدة أضعف بكثير.
حزب الله مستعد أن يحارب إسرائيل واليمن باستخدامها طائرات بدون طيار ضد مواقع البترول السعودية خدمت الأهداف الإيرانية، أيضاً أظهرت التحركات غير الحكومية العراقية قدرتها وفهمت الولايات المتحدة الرسالة: هل ستشكل القوات الأمريكية أهدافاً في العراق؟!
في غزة، نشرت المجموعات الفلسطينية أسلحتها الجديدة وأبدت استعدادها للمواجهة المشتركة بحالة الحرب ضد إسرائيل.
هذا التحرك العام لوى ذراع الولايات المتحدة وإسرائيل، حين فرض حالة (لا حرب، لا سلم) في الشرق الأوسط للمستقبل المتطور.
اليوم، تمتلك أميركا وإسرائيل أسلحة متطورة وتكنولوجيا عسكرية حديثة، إلا أن خصومهم في الشرق الأوسط مجهزين بشكل جيد، وإن لم يكن بنفس القدر، الصواريخ الدقيقة والطائرات المسلحة بدون طيار يمكنها أن تكون كافية للحفاظ على (توازن القوى) الضروري.
بقلم: إيليا جي مجانيه- عن: موندياليزاسيون
ترجمة: سراب الأسمر
التاريخ: الخميس 6-6-2019
الرقم: 16995