هل يكرر ترامب مع إيران حماقات بوش في العراق؟

 

ثمة مؤشرات تحول دون خوض ترامب حرباً مع إيران، ذلك لأن أي حرب- طال أمدها أم قصر- في منطقة الخليج سيكون لها عقابيلها التي تفضي إلى ركود اقتصادي يلحق الأذى بالاقتصاد العالمي بشكل عام، وبالاقتصاد الأميركي بشكل خاص، ذلك الأمر الذي لا يرغبه ترامب تحسباً من نتائجه التي تعرض أمر انتخابه لمخاطر الفشل.
لقد سبق لترامب أن أعلن عن عدم رغبته بخوض حروب طويلة الأمد وواسعة النطاق، وأن حرباً مع دولة يزيد عدد سكانها على 80 مليون نسمة، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف عدد سكان العراق، سيكون له عواقب وخيمة على نتائج انتخابات الرئاسة المقبلة، وله مثال عملي عن ذلك، ما تعرض له جورج دبليو بوش نتيجة حربه على العراق، فأي حرب تحدث ستوصف بـ (حرب ترامب).
من المعلوم بأن الرئيس الأميركي عمد إلى الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، على الرغم من امتثال طهران لشروطه، وفقاً لما ذكره مفتشو الأمم المتحدة وكل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين الذين وقعوا على هذا الاتفاق.
أتبع ترامب نكوله عن هذه الصفقة بإقدامه على فرض عقوبات اقتصادية، وتطبيق سياسة الضغوط القصوى، وأضاف إلى ذلك، تصنيف الحرس الثوري الإيراني بالمنظمة (الإرهابية). وألحق الرئيس الأميركي تلك الإجراءات أيضاً بعقوبات ثانوية تطال الدول التي تستمر بشراء النفط من إيران، علماً أن بعضهم دول صديقة وحليفة للولايات المتحدة.
تضيق سياسة الولايات المتحدة الخناق على الاقتصاد الإيراني بغية دفع طهران إلى الإذعان والاستسلام لشروط بومبيو الاثني عشر، ومنها وقف دعم طهران لحلفائها في كل من لبنان وسورية والعراق واليمن.
ادعى بومبيو يوم الأحد الفائت أن إيران تقف خلف الهجمات على الناقلات الرابضة قبالة خليج عمان، وأن طهران حرضت على هجمات أفضت إلى إصابة أربعة جنود أميركيين في كابول على الرغم من إعلان طالبان مسؤوليتها التامة عن ذلك الهجوم. ويبدو بأن صقور الحرب عادوا لاتخاذ قرارات حاسمة، ففي ذات اليوم قال السيناتور توم كوتون: (يستدعي الهجوم غير المبرر على السفن التجارية إلى القيام بهجمات عسكرية انتقامية).
في الحين الذي يعرب به ترامب عن عدم رغبته في خوض حرب ضد إيران، تبدي إيران عدم رغبتها في خوض حرب مع الولايات المتحدة، ونفت طهران نفياً قاطعاً ضلوعها في الهجمات على الناقلات، موجهة أصابع الاتهام إلى أعدائها الذي يبذلون المساعي لإشعال الحرب.
والسؤال الذي يتعين علينا طرحه في هذا السياق: إن لم يكن الرئيس الأميركي وأية الله يرغبان بالحرب، فمن يرغب بنشوبها إذن؟
تطالب ألمانيا واليابان بدليل يؤكد صحة ادعاءات الولايات المتحدة أن إيران كانت وراء الهجوم على الناقلات، ولا سيما أنه قد تزامن مع اجتماع رئيس الوزراء الياباني وأية الله، وأن إحدى تلك الناقلات كانت سفينة يابانية.
كتب (رآي تاكية) و(ريول مارك غيرتشيت) مقالة في صحيفة وول ستريت جورنال يوم الإثنين الفائت بعنوان:(تستطيع أميركا مواجهة إيران الضعيفة)، ودعا الكاتبان ترامب إلى القيام بتضييق الخناق على النظام الإيراني دون خشية أو تحسب من المواجهة العسكرية، وكأن الحرب مع إيران عبارة عن نزهة، علماً بأن غيرتشيت يعمل زميلاً في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات الممولة من بول سينغر والإسرائيلي المتشدد شيلدون أديسون.
وخلصت المقالة المنوه عنها إلى نتائج مفادها أن (إيران لا تستطيع مواجهة الولايات المتحدة، لأن نظامها متهالك، وشعبها لا يقف خلف قيادته، كما أن (الثيوقراطية) الهشة لإيران تمنعها من امتصاص الصدمة الخارجية القاصمة، الأمر الذي حدا بالمرشد الأعلى لإيران إلى القول بالالتزام باتفاقية العمل الشاملة المشتركة لتجنيب بلاده الدخول في معركة مع الولايات المتحدة وتفضيله التفاوض على المواجهة مع ما يسميه الشيطان الأكبر).
لكن الأزمة السياسية في إيران وإسباغ صفة التراجع الاقتصادي عليها في تلك المقالة يدفعنا للتساؤل إن كانت إيران بالفعل دولة هشة وأن القيادة الإيرانية معزولة عن الشعب، فلمَ لا يتم الانتظار لسقوط النظام القائم في هذا البلد، الأمر الذي يجنب الولايات المتحدة الدخول في حرب معها؟
ويبدو أن خيارات ترامب قد أصبحت محدودة وتتمثل بالآتي:
1-التفاوض مع النظام في طهران للتوصل إلى بعض التوافقات.
2-رفض التفاوض وانتظار سقوط النظام، وفي هذه الحالة على الرئيس الاستعداد للتصرفات الإيرانية الناجمة عن ازدياد تضييق الخناق على هذه الأمة.
3-اتباع ما يروج له كوتون من توجيه ضربة عسكرية، والدخول في حرب في حال اختارت إيران القتال بدلاً من الخنوع والاستسلام لطلبات بومبيو.
لكننا يجب أن نستذكر دخول صدام حسين في حرب مع الولايات المتحدة عام 1991 بدلاً من الاستسلام لمطلب بوش.
وفي هذا السياق، لا بدّ لنا من التساؤل عن الجهة التي ترغب بنشوب حرب أميركية -إيرانية؟
من دون شك أنهم ذات الأشخاص الذين أيدوا شن حروب على العراق وسورية وليبيا واليمن، إذ يعارضون وقف ترامب للحروب التي تخوضها الولايات المتحدة.
فلو قدر لواشنطن الدخول في حرب مع طهران، فلا ريب أنه من الصعوبة بمكان معرفة السبيل لإخراج قواتنا من منطقة غارقة بالدماء، وخاصة أنه لا مصلحة استراتيجية أميركية لنا فيها باستثناء الحصول على النفط، الذي أصبح بعد عمليات التكسير الهيدروليكي في متناول الولايات المتحدة التي بإمكانها عدم الاعتماد على الشرق الأوسط لتوفير تلك المادة.
The American Conservative
بقلم: باتريك بوخنن

ترجمة: ليندا سكوتي
التاريخ: الخميس 20-6-2019
رقم العدد : 17005

آخر الأخبار
New York Times: إيران هُزمت في سوريا "الجزيرة": نظام الأسد الفاسد.. استخدم إنتاج الكبتاجون لجمع الأموال Anti war: سوريا بحاجة للقمح والوقود.. والعقوبات عائق The national interest: بعد سقوط الأسد.. إعادة نظر بالعقوبات على سوريا بلدية "ضاحية 8 آذار" تستمع لمطالب المواطنين "صحافة بلا قيود".. ندوة لإعداد صحفي المستقبل "الغارديان": بعد رحيل الديكتاتور.. السوريون المنفيون يأملون بمستقبل واعد باحث اقتصادي لـ"الثورة": إلغاء الجمرك ينشط حركة التجارة مساعدات إغاثية لأهالي دمشق من الهلال التركي.. السفير كوراوغلو: سندعم جارتنا سوريا خطوات في "العربية لصناعة الإسمنت" بحلب للعمل بكامل طاقته الإنتاجية الشرع والشيباني يستقبلان في قصر الشعب بدمشق وزير الخارجية البحريني عقاري حلب يباشر تقديم خدماته   ويشغل ١٢ صرافا آلياً في المدينة مسافرون من مطار دمشق الدولي لـ"الثورة": المعاملة جيدة والإجراءات ميسرة تحسن في الخدمات بحي الورود بدمشق.. و"النظافة" تكثف عمليات الترحيل الراضي للثورة: جاهزية فنية ولوجستية كاملة في مطار دمشق الدولي مدير أعلاف القنيطرة لـ"الثورة": دورة علفية إسعافية بمقنن مدعوم التكاتف للنهوض بالوطن.. في بيان لأبناء دير الزور بجديدة عرطوز وغرفة العمليات تثمِّن المبادرة مباركة الدكتور محمد راتب النابلسي والوفد المرافق له للقائد أحمد الشرع بمناسبة انتصار الثورة السورية معتقل محرر من سجون النظام البائد لـ"الثورة": متطوعو الهلال الأحمر في درعا قدموا لي كل الرعاية الصحية وفد من "إدارة العمليات" يلتقي وجهاء مدينة الشيخ مسكين بدرعا