المسرح الحقيقي هو نبض الشارع, وصوته الذي يعبر عن أحزانه وأتراحه، نعاني جميعاً من الجهل بالمسارح العربية وخصوصاً المسرح الجزائري، فكانت لنا هذه الوقفة الفريدة مع المسرحي الكبير فرحان بلبل ليعرفنا من خلال تجربته ووجوده في الجزائر على المسرح الجزائري بعنوان «المسرح الجزائري» في مقر فرع حمص لاتحاد الكتاب العرب سنقتطف بعضا ما ورد فيها: كانت مهمة المسرح بعد الاستقلال تثبيت الهوية الجزائرية التي كانت تتراوح بين عروبتها العريقة وبين تثقفها حتى العظم بالثقافة الفرنسية، وكان من أبرز المسرحيين العاملين في هذه الفترة مصطفى كاتب وعبد القادر عللولة الفريد من نوعه بجرأته وهجومه الكاسح على التخلف والظلم والعادات البالية، وتمتع بشهرة واسعة في ولايته تلمسان وبقية المدن الجزائرية، وقد دفع دمه ثمناً لهذه الجرأة إذ اغتيل عام 1994 أيام العشرية السوداء كما يسميها الجزائريون.
أصدر الرئيس الجزائري هواري بوميدين عام 1970، قراراً بإنشاء المسارح الجهوية، و(الجهوية) عندهم تقابل ما يسمى عندنا (المسارح القومية).
ففي كل مدينة يقام مسرح رسمي نفقته على الدولة يسمى (المسرح الجهوي)، وهو يتمتع باستقلالية تامة مالية وإدارية، فمدير المسرح الجهوي مع مستشاريه، يقرر النصوص التي يعمل عليها والمخرجين والممثلين دون الرجوع إلى أحد، ويتصرف بميزانية تأتيه مباشرة من وزارة الثقافة، وبهذا الشكل امتلكت المدن الجزائرية القدرة على تطوير المسرح مالياً وفنياً دون رقابة إلا ما لا يتعارض مع القوانين.
ويضاف إلى هذا المسرح الجامعي الذي يقيم مهرجانه السنوي كل في بلده وعلى مستوى الجزائر (سومر إبراهيم وفوزه بجائزة أحسن عرض عام 2007 عن مسرحية الجدار في مهرجان وهران للمسرح الجامعي).
وهنا تقوم الفرق الخاصة بتوسيع رقعة المسرح، والدليل أن مهرجان 2018 في الجزائر العاصمة ضم 15 عرضاً ضمن المسابقة، وحوالي عشرين عرضاً خارج المسابقة.
على رأس المسارح الجهوية والفرق والمسرح الجامعي يقف (المسرح الوطني) في الجزائر العاصمة، وهو يقيم ندوات وأنشطة متنوعة ويقيم مهرجاناً سنوياً يسمى (مهرجان المسرح المحترف)، وهو جمع أجود العروض المسرحية في ذاك العام..
لكن المسرح الوطني ليس له سلطة أو إشراف على أي مسرح جهوي، ومهرجان المسرح الوطني الجزائري هذا كان ذا وجه عربي بامتياز، فلجان التحكيم فيه مشكلة من مسرحيين عرب وجزائريين، وضيوفه من شتى الأقطار العربية، بعضهم مجرد ضيوف وبعضهم يكلف بإقامة ورشات عمل لبعض وجوه العمل المسرحي…
تفردت الجزائر – لعدة سنوات – بنشاط مسرحي لم يعرف في بقية أقطار الوطن العربي وهو (فن الون مان شو)، وقد شاع هذا الفن وتوسع وانتشر وأثر في أكثر مدن الجزائر، مما دعا (جامعة سعيدة) أن تقيم ندوة دولية حول هذا الفن عام 2016.
وهذا الفن يقوم على الارتجال، وموضوعه سياسي بحت، ففنان الون مان شو يقف أمام جمهوره، ويقدم فكرة سياسية يتحاور فيها مع الجمهور الذي يضج بالضحك الساخر، هذا الفن التمع عدة سنوات كالشهاب ثم انطفأ، ولعل هذا الفن استوفى موضوعاته السياسية وصار يكررها فمل منها الجمهور…
وأجرى بلبل مقارنة بين المسرح التونسي وتقدمه في المغرب العربي حيث انه ينهل من المدارس الفرنسية..
وأضاف: من خلال متابعاتي الكثيفة للمسرح الجزائري – ورغم عائق اللغة – كنت أكتشف نصوصاً قوية مكتوبة باللهجة الجزائرية…
سلوى الديب
التاريخ: الخميس 27-6-2019
رقم العدد : 17010